الوضع المالي خطير جـداً بالرغم من الصور التي تنشرها الصحف لوزير المالية وهو يبتسم! وإذا استمر الحال حتى نهاية السنة وظلت الحكومة ممتنعة عن اتخاذ القرارات اللازمة فإن خسارتها في البترول والكهرباء والغاز ستتجاوز مليار دينار يذهب معظمها لمصلحة الأغنياء الذين يستهلكون البنزين والكهرباء ، وقد يتجاوز عجز الموازنة 5ر2 مليار دينار أو 12% من الناتج المحلي الإجمالي. وسترتفع المديونية إلى 14 مليار دينار ، أو 68% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتصبح الأزمة المالية تحصيل حاصل ، ومصير البلد متوقف على (عطف) البنك الدولي ، (ومروءة) صندوق النقد الدولي ، (وكـرم أخلاق) الدول المانحـة التي عليها أن تدعمنا مالياً لتمكيننا من توفير البنزين والكهرباء بأقل من الكلفة وزيادة الرواتب والتكرم بالمزيد من الإعفـاءات من الضرائب والرسوم.
أهم القرارات المعنية التي لا يريد أحد أن يسميها هي رفع أسعار المحروقات لتعكس الأسعار العالمية.
من المؤكـد أن قـراراً كهذا لن يقابل بالترحيب ، ولكن شـعبنا قادر على تفهم حراجة الوضع إذا شـرحت له بأمانة. وقد أعتـدنا على إعادة تحديد أسعار المحروقات شـهرياً دون أن يحتـج أحد ، وإذا كان هناك احتجاج من أية جهة ذات قيمة فعليها أن تدل الحكومة على البديـل ، لأن البديل الحالي هو الاقتراض.
أسعار المحروقات يجب أن تترك للسوق تماماً كالأدويـة والملابس وكل السلع المستوردة من الخارج أو المصنوعة محلياً. ولكن الحكومة ارتأت أن تضع نفسـها في مأزق وتأخـذ على عاتقها تحديد الأسـعار وبدلاً من تعويمها وهي تتحمل النتائج.
هناك حالة صعبة تواجـه الاقتصاد الأردني والمالية العامـة وقد تأخـر التعامل معها كثيراً ، فالاقتصاد يعالج بعدم التدخل ، والوضع المالي يعالج بتصريحات مطمئنة. وإذا استمر رفض تناول الدواء لأن مذاقه ليس طيباًً فإن المريض سيحتاج لجراحة خطـرة على أيدي جراحين اجانب لا نحب أن نراهم مرة أخرى يملون شروطهم.
اللعب بالنار لا يكون باتخاذ إجراء ما يفرضه الواقع الصعب بل بترك الحبل على الغارب ، وترك المشكلة تتفاقـم لدرجة الانهيار. على أمل أن تحدث معجـزة ويسقط المال علينا من السماء ، حتى بعـد أن انتهى عصر المعجزات.
الفريق الاقتصادي يعرف ماذا عليه أن يفعل ويتحمل المسؤولية. ومنعه من التصرف لا يعفيه من المسؤولية.