عمر بن الخطاب وغنائم بلاد فارس
يقال عندما فتح المسلمون بلاد فارس قاموا بتحميل غنائم الذهب التي حصلوا عليها على ظهور الجمال و إرسالها مع الجمالة إلى بيت مال المسلمين في المدينة المنورة ، وحين وصل هؤلاء الجمالة قام القائمون على بيت مال المسلمين باستلام هذه الأحمال بعد التأكد من وصولها كاملة دون نقصان ، وعندما علم صاحب الثوب المرقع الذي كان فيه أربعة عشر رقعة عمر الفاروق- رضي عنه الله و أرضاه- أن الجمالة وصلوا وسلموا الغنائم للقائمين على بيت المال ، قال الخليفة عمر: هل وصلت الغنائم هي كما هي ، فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين وصلت كما هي ، فقال الفاروق: ما شاء الله ما أأمن هؤلاء الجمالة ، فرد علي بن أبي طالب على عمر قائلا: يا أمير المؤمنين لقد عففت فعفوا ولو رتعت يا أمير المؤمنين لرتعوا الناس يكونون على دين سادتهم . رضي الله عنك وأرضاك يا أبى الحسن على فقهك و عمق تحليلك وروعة ردك على الفاروق فوا لله لو أن كبار المسئولين الذين يناط بهم أمانة ومسئولية إدارة الدولة وشؤونها من أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والعطوفة عفوا ولم يرتعوا فيما بين أيدهم من مال العامة ، ما وجدت من يجرؤ على بسط يده على ما ليس له من مال العامة إلا بحق ، فلو أن رئيس وزراء أية دولة عف ولم يرتع في مال الشعب لما وجدت وزيرا في حكومته يرتع ، و إذا كان الوزير يعف ولا يرتع ما وجدت وكيل وزارته يرتع ، وأن كان وكيل الوزارة يعف ولا يرتع ما وجدت عاملا في وزارته يجرؤ أن يرتع ، وإن رأيت رئيس مجلس إدارة أية شركة أو مديرها العام يعف ولا يرتع ما وجدت في هذه الشركة أو المؤسسة عاملا يرتع ، وإن رأيت وزارة أو شركة أو مؤسسة يتفشى فيها النهب والسلب دون حسيب ولا رقيب وعلى مبدأ "حارة كل مين إيده إله" فاعلم أن مصيرها الخراب والدمار والإفلاس عاجلا أم آجلا ، وذلك بسبب سرسرة سادتها وتفننهم في أساليب السرقة والنهب ، وعندما يشح حليب هذه البقرة الحلوب يقولون إن السبب هو الوضع الاقتصادي العام والعالمي وتأثيراته على المنطقة ومؤسساتها ، يعلم الله يا عمر الفاروق يا ناصر الفقراء والمساكين ، كم الأمة الإسلامية بحاجة لعدلك وحزمك في وقت تكالبت فيه الأمم و الخونة على المستضعفين من أبناء المسلمين الشرفاء وعلى مقدرات وثروات أوطانهم ، وارتفعت فيه أصوات الرويبضة والمنافقين من أبناء المجتمع وارتفع شأنهم بما طالت أيديهم من أموال الشعوب ، بعد أن كانوا لا قيمة ولا وزن ولا مكانة لهم لمعرفة العامة بحقيقة أمرهم وفراغ فكرهم و رداءة أدائهم وأذاهم على الوطن وأبناء الوطن، آآآآه يا أيها الفاروق كم هي الأمة الإسلامية بحاجة لمن مثلك لتنظيف البلاد من شرور هذه الشرذمة التي لا يردعها دين ولا خلق ولا حياء ، ولإنصاف العباد المساكين منهم والفقراء ونصرة المستضعفين منهم والضعفاء في زمن قل فيه الناصرون والأصدقاء وغابت فيه قيم العدالة والإنصاف .