اربع عجاف
اربع من السنين مرت وكأنها عقود
الثامن من الشهر السابع فراق غير معهود
كيف لا ايها الغالي وانت الأب سماحة المحمود
ذهبت بلا قُبل ولا وداع ولم تقل انك لن تعود
حرصت ان تموت سرا بلا مرض ولا شرود
ولجأت الى حبيبة تعشقها هادئة مليئة بالورود
وتركت حبيبة تعشقك لم تدري انك لن تعود
حتى جائها الناعي مساء يخبرها بما لا تريد
فدفقت دمعة من عين صابرة حزنا على العميد
ودموع ساخنات من عيون واجمات عنك لا تحيد
وشفاه مترجرجات غير واعية غير ذكر الله لا تجيد
وطيور ناعقات فوق مزرعة الباشا وعنها لا تميد
وخلف النعش امم هم لك مريدون احباب ولله عبيد
من عليّة القوم ومن كل صوب الكل لوداعك مريد
مدامع سالت والكل بكاء وإن كان على الدمع عنيد
جاء المعزّون من كل درب كيف لا وانت مثلُهم الفريد
يتذكرون احاديث ومناسبات وجلسات كل فيها كان سعيد
اربع سنين بلياليها وكل ليلة بالنسبة لنا انت فيها فقيد
فراق ادمى كل فرحة ولم يبقي في الدنيا اي عيد
وما زالت أُمُّنا على عهدها ولك في الدعاء تزيد
وقد غادرنا احباب لك ودّعناهم وكأنك كنت موجود
ودعا المعزّون لهم ولسماحة الحاج محمود سعيد
لأنك لم تُقصًر في حياتك يوما مع قريب او بعيد
الف واربعمائة وستون يوما وحبك ما زال يقيد
وشمعك لم ينطفي وحبك نبض في العروق والوريد
تحترق القلوب حين يسأل طفل قد وعاك اين سيدو
لا نعرف الجواب إلاّ ان نقول انه ذهب لمن يريده
تنزل الدمعة حين تأتي سيرة انت فيها وكل يوم منه جديد
اطفال جدد قدموا للعائلة لم نفرح لهم كثير لأنك عنهم بعيد
وحفلات أقيمت باهتة وفي الحلق غصّةلغيابك ايها الصيد
نلملم الامنا ونذهب حيث ترقد والعيون تفيض
ونشكوا لأشجار كنت ترويها ولكنها تبكي كالوليد
نحضنها وتحضننا كأيتام فقدوا الحنان والمعيل الوحيد
وتأبى ان نفارقها وكأنها تشتم رائحة الشيب وعبق الفقيد
كانت ترى ان حبها ابدي ولم تتخيل لم يعد له وجود
اين انت مما نحن فيه وكان ما كنت تقلْ وتعيد
فها هو العراق بلا سنًي والبلاد تحكم بالحديد
وفي عتم الليالي كنت لنا امانا وحمى عتيد
ولقمة العيش معاك شهية ولو كانت ثريد
وحديث السياسي يروي الظمآن ولو كان بليد
كنت تروي قصصا من التاريخ ليس لها سريد
فقيها بالدين و لقصص الانبياء خير معيد
واحتاروا فيك متى تقرأ وتخزن منها ما تريد
وأدركوا انك مدرسة ومعلم لأجيال عصر جديد
وان تربية الايتام علّمتك كيف تكون بالثقافة سعيد
وان معرفتك بأطياف وأجناس شتى اعطتك المزيد
و تتلمُذك على يدي زكيّ وسيّد والحسينيً والمودودي
اوجد عندك كمّا من التاريخ مفيد وحلو الترديد
اما الطرائف العفوية ففيها تسلية والكثير مفيد
أيام مرّت ولم نرى مثلك شبيه ولو كان تقليد
أيّها الغائب الحاضر فينا ألن تأتي ليوم جديد
ونعيش حلما ليس كالأحلام ولكنه لها كالعيد
ونشكر الله على هباته ونصلي ونحن له عبيد
جمعة الفراق كانت صعبة دموع وقلوب صديد
بقي الحال كما هووالحزن يعم لأشهر هي عديد
وحتى الان نبكي غياب طال كبيرا ورضيع جديد
وكأن العمر كان قبل العجاف سهل والآن شديد
أو ان الزمان مختلف كان قصير ولكنه الآن مديد
أو ان النفس تغيرت كانت فرحة والآن غير سعيد
أو ان الناعي غاب عنا ولم يعد يأتي حتى بالبريد
وكم دعونا لك دوما براحة البال والعمر المديد
كم نحن بحاجة لوجودك بيننا ولرأيك السديد
واحيانا نقع في ضيق كم نحتاج لحزمك الشديد
وكم نقول لو انك تعود لتكون السيد ونحن عبيد
ومهما نقل في حقك لن نوفك مهما نقل ونزيد
ولكن الله إذا اراد شيئا فلن يحدث ما نريد
ومهما توسلنا له لن يكون أبدا إلاّ ما يريد
ورضينا بقضاء الله وأقداره بعدك لن تزيد
ففراقك اكبر مصيبة وبعدك لا شيء مفيد
وايامك لن تُنسى وكل للياليك مشتاق ومريد
وجلسات المزرعة غابت فلا حس ولا تغريد
فلا بط ولا حمام يجد القوت فبعدك لا تزويد
فالخير منك كان وما زال للغير من جديد
وزراء برزوا من صنيعك بدايتهم فهم سعيد
والكثير ما زالوا يتمنون وجودك لكي يستفيد
صومعتك كالاطلال لهم فهي شاهد وشهيد
ايام وليالي قضوها وكل واحد محمود وسعيد
نسو ازواجهم وابنائهم فهم بكنف الاب الجديد
يشعرون بنشوة وإن اكلوا معك حتى ولو ثريد
يتّمتهم وقطّعت بهم السبل من قريب أو بعيد
وابناء لك كنت تقول لهم الله وعلمهم التليد
وانت لغيرهم سريع العون والتوسط المفيد
بينما عانينا فلا اصحاب لك ساعد او يريد
واكتفينا بحبك وطاعتك وبالله رب للعبيد
ودعونا لك بالرحمة ومكان علي محمود
وسنبقى على وعدنا لك طائعين لأم ودود
ونقول يا رب ارحم عبدك محمود سعيد
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون
ابنك المستعين بالله
احمد سعيد
7/7/2011