أخبار البلد - بغض النظر عن حقيقة ما روي عن ذلك القائد البريطاني وبوذا في هذه القصة, فان حجم المر الذي فيها تجاوز الزبى ولا يتذوقه او يحس به الا قلب تملكه الاخلاص او عقل لا يقوى على التخلص من داء الوعي رغم ما يصيبه من الالام.
لقد صعد ذلك القائد الى اعلى جبل في الصين عشية انتصاره, ولما رأى الارض تحته وليس فوقه سوى النجوم رفع يديه وصرخ باعلى صوته انا سيد الكون ( اي ام ذا ماستر اوف ذا يونيفرس), وفي ذات المكان يقال ان بوذا وقف وشاهد نفس العظمة لكنه خر على وجهة وقال "ما اصغرني في هذا الكون". انه نفس العلم الذي اورث البريطاني الجبروت وغابت فيه الحكمة وهو ذات العلم الذي جعلت من بوذا حكيما ولم يرد هو ان يكون اله.
واجزم ان القائمين على مؤسسات تصنيف الجامعات هم من احفاد القائد الانجليزي وليس من احفاد بوذا, الجامعات في عمقها اسسها الفلاسفة والمفكرون ولم ينشئها امراء الحرب وقادة الجيوش, ولم يكن القصد من وجودها ان نعرف من بطل السباق في مسابقة مشبوهة عند بوذا من الفها الى يائها, ولم يكن القصد منها ان نعرف من انتصر هذا العام على من؟ المقياس الوحيد يجب ان يكون هو حجم الحكمة الذي استطاعت الجامعة ان تزرعه في نفوس طلابها واساتذتها ليكون قناديل اذا خرجوا منها اضاءت الطرقات المعتمة حولها بهم وامتد نورهم ليلتقي بانوار من جامعات اخرى على نحو تكاملي, لا سباق محموم يسجل فيه انتصارات يطلب اهله احتفالات كمن هو عائد من معركة منتشيا بنصره!! كم من مرة في القرأن اقترن الكتاب بالحكمة؟ فلا خير في كتاب لا يولد حكمة ولا خير في حكمة لا يتبناها حكماء, ولا خير في عالمية لجامعة تعج باساتذة وطلاب يتقنون استخدام السيف ولا تكاد تجد فيهم فارسا.
واي عالمية تلك التي اول ما اتت على الحكمة والمصداقية وتلفيق في عرض المعلومات؟ رؤساء جامعات يعبثون بالعلامات واخرون يضربون ويهانون امام موظفيهم, وشللية وتحزبات, وضيق صدر ونزق, وصبيانية, وانتقامات... انها كلها نقائض الحكمة والاتزان الذي وجدت من اجله الجامعات وبها تحكم العالمية ولا غير, فيا ليت شعري لو يبقى بعض رؤساء الجامعات هم واخبارهم داخل اسوارها!!!
المقياس الوحيد لتفاضل الجامعات هو حجم الاثر للجامعات في محيطها, حجم النور الذي تشعه, و حجم الحلول التي قدمتها لمحيطها اولا قبل الكون, وحجم التفاعل مع المجتمع, ومعايير العدالة المطبقة بها, وعدد القدوات التي يفخر الناس بوجودهم فيها, و مثالية البيئة الناشئة عن التفاعلات والقرارات الادارية وحكمتها حتى تغدوا محجا الى كل مسؤول في الدولة لينقل هذا الواقع المثالي الحكيم الى مؤسسته.
اذا لم يستطع الرئيس( البرفسور) والنواب ( البرفسورية) والعمداء (البرفسوريون) والاساتذة انشاء هذه المدينة الفاضلة من الادارة العاقلة والبيئة الجامعة الجاذبة التي بدونها لا يولد الابداع فان ولد كان طفرة لا يستمر!! فما فائدة بحث علمي يزيد في دقة الصاروخ الموجه بالليزر اذا كانت الضحية ابنة العم والجار, وما فائدة اكتشاف مصل اشفي به اطفال الارض اذا كنت عاجزا عن شرائه لأبني,الان فهمت بعمق جدلية الحذاء الضيق واتساع الكون! وفهمت معنى العالمية فهما لا اعذبكم به فهو اقسى من مضغ الحجاره, انه باختصار ان تبيع ابنك للعالم فان رفض فعليك ان تعزز القرف حتى يبيع نفسه!!!!