معروف البخيت ... النسخة الجديدة
أحمد الربابعة
عندما تم تعيين دولة معروف البخيت لرئاسة الحكومة الحالية، ضج الشعب وثار، بل وأحس بالقهر والإحباط من الاستمرارية في مسلسل مداولة ومداورة الحكومة بين نفس الأشخاص، الذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين ! وكأن الأردنيات عقيمات سياسيا ومنذ عشرات السنوات، فلم يلدنا من يصلح لرئاسة حكومة وطنية قادرة على النهوض بحال الدولة الأردنية المرير!
وبعدما أفاق الشعب من صدمة الاستمرارية بمداولة الحكومة، طبعاً بعد تعافيه من صدمة سابقة، هي صدمة توريث الحكومات والمناصب، التي ظن أنها انقشعت برحيل حكومة سمير الرفاعي الابن، راح الشعب يتذكر ويُذكر من هو معروف البخيت ؟ ليذكروا أنه رئيس الحكومة السابق الذي تمت في عهده أكبر عملية تزوير انتخابات برلمانية شهدتها المملكة في العام 2007، وأنه الرئيس الذي رعت حكومته السابقة للحمل غير الشرعي لابنً حرام يسمى بـ (الكازينو)، وأنه الرئيس الذي تجمعه علاقة سيئة بالمعارضة والأحزاب التي تمثل الشعب ! وأنه سفير الأردن السابق لدى دولة الاحتلال الصهيوني !
وخلال تلك الأجواء المشحونة، عُمل على طمأنة الشعب، ومحاولة كبح سخطه على الرئيس المُعين، من خلال القول له : أن معروف البخيت الحالي ليس هو معروف البخيت في الـ 2007 ! فأنقسم الشعب ما بين أكثرية مشككة، وما بين فئة مصدقة، واخرى تحاول إقناع نفسها بالتصديق وأن يظل المركب ساير، وغيرها من الفئات التي تتبنى وجهات نظر متباينة، وفي المحصلة كلهم يجتمعون على قناعة واحدة، هي (جوزك والرايد الله) .
وفي ظل قناعة، بل وواقعية قاعدة (جوزك والرايد الله) التي تُفرض على الشعب الأردني منذ عشرات السنوات، وفي محافل وقرارات مختلفة؛ تعايش الشعب مع هذا الزوج، عله يبرُ بأهل بيته ويقدم لهم ما لم يكونوا يتوقعونه . وفعلا فقد قدم لهم الرئيس المُعين ذو النسخة الثانية ما لم يكونوا يتوقعونه ! فعمل على إطعامهم وجبة من (الحنظل) يتلذعون مرارتها صبح مساء، عندما تم في ظل حكومته تهريب سفير الفساد الأردني (خالد شاهين) معززاً مكرماً إلى لندن ! بل أطعمهم أيضا وجبات أخرى ليست بأقل مرارة من مرارة حنظل خالد شاهين ! تتراوح ما بين (علقم) دوار الداخلية وما رافقه من العزف على وتر الوحدة الوطنية ! وما بين (دفله) عدم إيقاف الفساد ومحاسبة رموزه، بل وأكل الشعب لغيرها من السُميّات والمأكولات شديدة المرارة، المتمثلة بالعمل على قمع الحريات من خلال قانون المطبوعات والنشر الذي أعلنته الحكومة، ومن خلال عفوا عام منقوص همش فئات من الشعب وأبقاها ترقد خلف القضبان، ومن خلال الاستمرار في توريث المناصب ومنحها للذوات من أبناء البطة البيضاء، في حين يظل أكثرية الشعب من أبناء البطة السوداء للحراثه .
وجاءت ثورة أبناء البطة السوداء الذين خُدع بعضهم بعزف دوار الداخلية على وتر الوحدة الوطنية، ليكتشفوا الخديعة التي كان يراد إيقاعهم بها، من أجل سواد عيون الحكومة، فهبت المسيرات الغاضبة من الجنوب، وتحديدا من الطفيلة والكرك ومعان، ومن مناطق متعددة في المملكة كذيبان وأربد وحي الطفايلة والرمثا، لتؤكد أن الشعب فهم اللعبة، وأن الشعب بكل أطيافه متوحد نحو نفس المطالب التي تتردد بنفس الصيغة في عمان والكرك والطفيلة وذيبان والرمثا ومعان، وبقية مناطق المملكة، وهي محاسبة الفساد والفاسدين، وحكومة منتخبة، وبرلمان صادر عن انتخابات نزيهة غير مزورة، وغيرها من مطالب الشعب المعروفة، بل وباتت حكومة البخيت قاب قوسين أو أدنى عن الرحيل، حسبما استشف الشعب المسكين من أفعال تلك الحكومة .
لكن المفاجأة جاءت صباح السبت، عندما تم تمديد عمر حكومة البخيت بدل إقالتها ! وإظهارها بنسخة جديدة من خلال إجراء تعديل عليها، شمل وزراء لم يخرجوا عن نطاق مسلسل المداولة والمداورة ! والأسئلة التي يطرحها الشعب بفمه المعلقم، ومن صميم قلبه المضني : ما الذي سيضيفه معروف البخيت بنسخته الجديدة، وقد عرفنا ما قدمته نسخه السابقة ؟ والى متى سيظل الأردنيون يجربون نسخ الحكومات كما يجرب جمهور المطربين ألبوماتهم الجديدة ؟ بل إلى متى ستظل الحكومات نفسها تُجرب بالشعب وتتخذ من الوطن حقل للتجارب ؟ وهل يا ترى لا يراقب الساسة الأردنيون ما يجري في المنطقة العربية والدول المجاورة ؟