أخبار البلد - أمل وغباء
مثل طفل صغير تعلم الصلاة للتو ، فصار يسبق المؤذن ليفتح المسجد .
مثل عاشق ضحكت له أم المريول الأخضر فانتشى وصار يسمع عبد الحليم ويسرق أشعار نزار ويرسم على الحيطان والأسوار قلوب الحب وحرفين أو حرف وعلامة سؤال .
مثل الأم التي تكون أول المستيقضين وآخر واحدة تنام بعد أن تستنفذ رصيدها من التمتمات والتراتيل وتكرر المعوذات .
مثل أول المطر عندما يلامس الأرض في حياء فترتجف وتعم رائحة التراب في الأجواء والأحياء عطرا وشجنا .
مثل أول لقاء عشق تملؤه اللعثمة ويسيطر عليه الخجل والحياء .
مثلهم أنا في لهفتي وخشوعي وسكوني .
مثلهم يملؤني الأمل والغباء .
فرفاق السوء يهمسون في إذن الطفل أن اللعب أهم من الصلاة ، وأن الجمع او التأخير جائز ومباح ، والعاشق الولهان ستخونه ليلى وسيكتشف بأن الشبرات البيضاء ليست إلا خيط دخان وسيكتشف بأن المعشوقة المصون ليست إلا خبرة في الحب والعشق ومستباحة لكل الأحضان.
وليس المطر الرذاذ إلا تهيأة لأجواء تخفي معها شعاع الشمس مرة وتكسر أغصانا صنعنا عليها أرجوحة للفرح مرة أخرى.
حتى الأم ماتت وخلت الدار من فرحة الدار ونوارة الدار وصارت موحشة تتقاذفها الأحزان.
مثلهم أنا يملؤني الأمل والغباء بأن المستقبل سيكون أجمل في ظل نزيف أحلامنا السائب من عمرنا وتاريخ حكوماتنا الطاعن باستنزاف آمالنا.