تمثل اللجنة التنسيقية العليا لأحزاب المعارضة إطارا معقولا لتوحيد قوى المعارضة الحزبية نحو جملة من الأهداف العامة التي يسهل التوافق عليها، وبالتالي تخليق ضغط جمعي وموقفي تجاهها.
هذه اللجنة تضم في رحمها قوي سياسية ذات مشارب أيدلوجية مختلفة ومتنوعة، فهناك الإسلامي ممثلا بجبهة العمل وجمهورها العريض، وهناك اليساري على درجاته والقومي ببعض قواه.
هذه التركيبة المتنوعة المتطايرة بين اليمين واليسار، والمختلفة أيضا من ناحية حجومها وقوة تأثيرها في الشارع، لا يمكن لها أن تستمر إلا من خلال البحث عن إطار يتحمل تلك الفروق ويوجه جهوده نحو التشاركية القائمة على القواسم المشتركة.
وأظن أن اللجنة، بخبرة أعضائها وتاريخيتهم، أدركت منذ تأسيسها كل هذه المحاذير والمعطيات، فقررت التوحد على إطار عمل يراعي الأهداف العامة من ناحية، ويراعي الآليات التي تمكنها في النهاية من الوصول إلى بيئة ديمقراطية إصلاحية ينطلق بعدها كل حزب نحو تنافسية يحسمها الشارع والقانون.
تعرضت اللجنة لاختبار شديد أثناء الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث قرر البعض المشاركة وقاطع البعض الآخر، ورغم ذلك استمر التنسيق على اعتبار أن التفاصيل لن تفت من عضد التجمع المركزي على الهدف العام المتمثل بفرض الضغط على النظام من اجل صياغة إرادة له تقبل بالتغيير والإصلاح.
طبعا هذا التنوع الأيدلوجي، وكذلك التنوع في الحجم، قد يقود لنوع من التحسس عند بعض المحطات التفصيلية، وهذا ما كان يوم الجمعة أثناء اعتصام المعارضة أمام رئاسة الوزراء.
الخلاف على موقع الاعتصام ليس بالأمر الكبير، والخلاف على شكل الشعارات كذلك ليس بالأمر الكبير، والخلاف على من يتحدث ومن لا يتحدث كذلك أمر يمكن التغاضي عنه.
لكن الهام أن تبقى المعارضة موحدة تتحرك بشكل أفقي وعمودي ضاغط وباستمرار على النظام، فالفعاليات تنجح بمجرد حصولها لا بتفصيلاتها، وهذا عامل يجب الإبقاء عليه وإدامته.
نجاح الأحزاب بتحقيق أي تقدم على جبهة الإصلاح هو نجاح للجميع، وعوائده السياسية ستكون عودا على الجميع، من هنا ندعو أحزاب اللجنة التنسيقية إلى مواصلة الوقوف وترك التفاصيل والاهتمام بالنضال الإصلاحي العام الذي لن يكون إلا بتضافر كافة الجهود الحزبية والشعبية.
أما جبهة العمل الإسلامي وهي الشريك الأكبر، فإنها مشكورة على مراعاتها الآخر، ومطالبة باستشعار تحسس الآخرين، ولعلها تعمل على ذلك ولعلها تبذل مزيدا من التركيز.