يقدم الوزير الأسبق والنائب الأسبق الدكتور عبد الله العكايلة وجهة نظره حول القوائم النسبية في مشروع قانون الانتخابات الذي رشح عن لجنة الحوار الوطني مؤخراً.
ويشرح العكايلة، وهو نائب سابق عن محافظة الطفيلة لخمس دورات نيابية خلال (1984 - 2007)، ملاحظاته على القوائم النسبية مستعرضاً ذلك بالأرقام والرسم البياني. وتاليا ما خلص اليه الدكتور العكايلة من عصارة فكره:. تصلح القائمة النسبية للتطبيق في مجتمع مؤطر سياسياً في هياكل حزبية لا تقيدها اعتبارات جغرافية ولا تشكيلات ديمغرافية محكومة بمذهبية أو جهوية أو عرقية.
يكون الصوت للقائمة الحزبية التي قد تكون معنونة باسم الحزب ليس إلا، وقد تكون مدرجة أسماء المرشحين ولكن باسم قائمة الحزب، ولا فرق لو جاءت النتائج تعكس فوز مرشحين من مدينة أو منطقة أو محافظة كلهم أو جلهم في حين قد تأتي مناطق أخرى خلواً من الفوز بأي من المقاعد.
إن مهمة القائمة النسبية هي أن تحدد للحزب الذي يتقدم لتمثيل الشعب نسبة المقاعد التي حاز عليها وفقاً لنسبة الأصوات التي حصدها من مجموع المقترعين على مستوى الدولة، ثم يتولى الحزب تسمية الفائزين بتلك المقاعد وفقاً لترتيبهم في سلم الأولوية المقترع عليه من كوادر الحزب أو من مجالسه المختصة.
أما عن القائمة النسبية المقترحة من لجنة الحوار كما فهمناها فإنها يشوبها ما شاب الدوائر الوهمية سواء ما كان منها على مستوى المحافظة أو على مستوى الوطن، وهي لا تصلح ابتداءً للتطبيق في حالة العدد الصغير من المقاعد سواء على مستوى المحافظة التي تتراوح بين 2- 9 مقاعد في محافظات المملكة، أو على مستوى الوطن. وقد فهمنا أن العدد محدد بِ 15 مقعداً مقيدة بقيد تمثيل كل محافظة بمقعد. فعلى مستوى المحافظة قد تعكس القائمة النسبية نجاح أعلى الضعفاء المؤتلفين في قائمة في حين تحول دون نجاح أعلى الأصوات في المحافظة، تماماً كما حدث معنا في الدوائر الوهمية في الانتخابات الأخيرة.
كما أن القائمة النسبية قد تضع نتائجها في حالة مربكة محيرة لا جواب عليها إذ إن الأغلب المتوقع حدوثه أن تحصل أعلى القوائم على 1/4 أو 1/3 أصوات المقترعين في حين لا تحقق أي من القوائم الأخرى الحد الأدنى من الأصوات لإحراز مقعد من المقاعد المخصصة للمحافظة.
تمرين عملي
وفي المثال المرفق، وهو تمرين عملي قمت بإعداده، خير دليل على وقوع مثل هذه الحالة التي قد تحقق فيها قائمة 1/4 المقاعد في محافظة مخصص لها 4 مقاعد كمحافظة الطفيلة في حين لم يحقق أي من القوائم الثلاثة الأخرى الحد الأدنى وهو 1/4 الأصوات للحصول على 1/4 المقاعد وهو مقعد واحد. فماذا عن مصير هذه القوائم؟.. سألت هذا السؤال لمعالي الأخ عبد الكريم الدغمي مقرر لجنة قانون الانتخاب في لجنة الحوار، كما سألت السؤال نفسه لدولة الأخ طاهر المصري، فكان الجواب «لا أعلم» من كليهما.
وفي المثال نفسه وهو مرفق للتوضيح تطالعنا حالة الدوائر الوهمية فنجد أن الأول في كل من القوائم ب، ج، د قد حقق أصواتاً أعلى من الأول الفائز بالقائمة أ فأي مصداقية للنسبية تعكس التمثيل في هذه الحالة.
إن الفائز في هذا المثال هو الحائز على (3000) صوت، في حين أن أعلى الأصوات في القوائم الثلاثة التالية التي لم يحقق أي منها 1/4 الأصوات و1/4 المقاعد كانوا على التوالي (4000) صوتاً 3300، 3200 وهم جميعاً أعلى من الفائز في القائمة (أ). أترون ماذا حققت النسبية وماذا وضعت أمامنا من حالة تناقضية عديمة المصداقية. إن المنطق والعقل يقول ان الفائزين هم الأربعة الأوائل في القوائم الأربعة الذين لو ائتلفوا جميعاً في قائمة نسبية وهم أقوى المرشحين في المحافظة فلن يفوز منهم بأحسن الحالات إلا نصفهم بسبب النسبية في حين أنهم هم الفائزون بأعلى الأصوات.
إن حل هذه المعضلة والخروج من هذه الإشكالية هو في العودة إلى منطق قانون 1989 حيث يختار المواطن من يشاء في حدود العدد المخصص للمحافظة ويكون الفائزون هم أعلى الأصوات دونما نسبية ولا وهمية.
وأخيراً فإن هناك نقطة مهمة وجوهرية تنسف إمكانية تشكيل القوائم النسبية على مستوى المحافظة وهي استحالة فوز أعضاء القائمة جميعاً إذ إن ذلك يستدعي حصدهم لأصوات المقترعين كافة، لا بل استحالة فوز نصفهم لأن فوز نصفهم يستدعي حصد نصف أصوات المحافظة كافة، وهو أمر غاية في الصعوبة ونادر الحدوث.
وعليه، يدرك المرشحون أنهم إنما يستخدمون سلماً ليرتقي عليه أحدهم أو ربما اثنان منهم ليس إلا، لذا ينعدم حافز الائتلاف والانضواء في القائمة النسبية على عكس القائمة المغلقة المطلقة التي تفوز بكاملها فيحمل أقواها أضعفها وتكون قدرتها على التشكل واستقطاب الائتلاف مغرية لكل أعضائها، بينما في حالة القائمة النسبية يدرك معظم المؤتلفين أو من يدعون للائتلاف بها منذ البداية أنهم إنما يستخدمون سلماً يرتقي عليه أحدهم أو ربما اثنان في أحسن الحالات منهم ويذهب الآخرون أدراج الرياح، وهذا ما ينسف فكرة الانضواء في القوائم النسبية على مستوى المحافظات.
قائمة الوطن
أما عن قائمة الوطن فهي نموذج مختلط للقائمة النسبية الممزوجة بالتمثيل الجغرافي المقارنة بالأرقام المطلقة للمرشحين من أبناء المحافظة عبر القوائم كافة، وهو نموذج لا أعتقد أن غيرنا سبق إليه، فهو من إبداعنا وهو يعكس نتائج تظهر لك العجب العجاب، فقد نجد عند الفرز النهائي أن القائمة التي حصدت أكبر الأصوات على مستوى المملكة وحصدت أكبر عدد من المقاعد للوهلة الأولى قد خرجت في المقارنة الأفقية لأبناء المحافظة من المرشحين عبر القوائم كافة صفر اليدين فلم يفز منها أحد، كما هو مبين في التمرين المرفق، حيث إن القائمة (أ) قد تصدرت القوائم الستة بِ 600,000 صوت من أصل 2,400,000 ناخب اقترعوا، فحصدت 1/4 المقاعد ال 15 أي (4) مقاعد، ولدى مقارنة هؤلاء الأربعة وهم أعلى أربعة مرشحين في القائمة (أ) مع أبناء محافظاتهم أفقياً في القوائم الخمسة المتبقية وجدنا أنهم خسروا أمام منافسيهم من أبناء محافظتهم فلم يفز في النهاية من القائمة التي تصدرت قوائم المرشحين على مستوى المملكة أحد. لا بل وجدنا أن أقل قائمة حصدت أصواتاً بلغت 240,000 ناخب قد حصدت أعلى عدد من المقاعد حيث حصدت 3 مقاعد. لذا فإنك لا تستطيع أن تذهب للنسبية وتذهب في آن واحد إلى المقارنة بالأرقام المطلقة للمرشحين. ولذا فإن الحل في قائمة الوطن إن كان ولا بد من الأخذ بها هو أن ترتب المحافظات أفقياً ويدرج تحت كل محافظة أسماء المرشحين من أبنائها الراغبين بالترشيح على مستوى الوطن ويختار الناخب المرشح المفضل لديه من كل محافظة لنتجنب مسألة التعقيد والفوز الوهمي العامودي الذي يتلاشى بالمقارنة الأفقية كما سبق أن أوضحنا بين أبناء المحافظة في شتى القوائم.
العكايلة: القوائم النسبية صورة أخرى للدوائر الوهمية
أخبار البلد -