من المتوقع أن يكون تقرير لجنة التحقيق في الكازينو على طاولة السادة النواب مع انطلاق الدورة الاستثنائية، وهو ملف سيكون له صدى إعلامي كبير، بخاصة بعد أن تتسرب (بصورة أكبر) حيثياته وتفاصيله إلى الإعلام وتكون في متناول الجميع.
يدخل الرئيس إلى الدورة الاستثنائية غداة إعلان وزير الإعلام المرموق طاهر العدوان، استقالته احتجاجاً على التعديلات التي أدرجت على أجندة الدورة.
لا يمكن للرئيس أن يدخل إلى الدورة الاستثنائية، إلاّ إذا كان قد أعدّ نفسه وحكومته لـ"حفلة" قاسية، من العيار الثقيل. وفي ظني أن أمامه خيارين لا ثالث لهما، للتخفيف من عبء المرحلة المقبلة؛ الأول القيام بتعديل وزاري موسّع، يعيد ضخ الدماء في حكومته، ويطعّمها بوزراء مختلفين، مقنعين، وهي قصة صعبة، مع استنكاف كثيرين عن اللحاق بقطار يعاني من اختلالات كبيرة؛ أما الخيار الثاني فهو الإصرار على الاستقالة فوراً.
القضية الأمّ في الدورة الاستثنائية هي ملف الكازينو، وهو ملف أعدّ باحترافية شديدة وبصورة محكمة. وإذا كان وقف ما قبل توجيه اتهامات الفساد لأشخاص معينين، فإنّ ما قدّمه من شهادات ووثائق حول الاختلالات الإدارية والتلاعب بالتواريخ وإخفاء الأوراق، والاستهتار بمصالح الدولة وبالقرارات السيادية، أخطر من توجيه اتهامات مباشرة بالرشوة أو الفساد.
التقرير يصل إلى اتهام رئيس الوزراء ومجلس الوزراء حينها (باستثناء من رفضوا التوقيع) بمخالفات إدارية جسيمة، وهي قضايا يشملها قانون العقوبات، إذا ما تمّت المصادقة على تقرير اللجنة من قبل ثلثي مجلس النواب (80 نائباً)، وسنكون أمام سابقة كبيرة، بالإضافة إلى اتهام شخصيات أخرى وتحويل ملفها إلى مكافحة الفساد، ومن ثم القضاء، لأنّهم لم يكونوا وزراء.
ثمة أسئلة هائلة بانتظار الرئيس، وفي تفاصيل الملف أمور مقلقة جداً، نتمنى أن نسمع أجوبة حاسمة دامغة عنها: كيف نفسّر أن يتم إخفاء موقف وزير العدل حينها شريف الزعبي، ومرافعته الصارمة ضد الكازينو، وتأييد طاهر حكمت له، عن مجلس الوزراء؟ وكيف يتم القفز عن رأي ديوان التشريع، فلا يستشار؟ وكيف تختفي كتب في غاية الأهمية على الطريق؟ وكيف يتم التوقيع على اتفاقية مخالفة تماماً لتلك الرديئة التي وقعها مجلس الوزراء؟ وكيف تتم مخالفة القوانين والأنظمة الإدارية لتمرير الاتفاقية؟ كيف يقبل الوزراء التوقيع على اتفاقية لا يعرفون عن فحواها شيئاً (بشهادات بعضهم)؟ بالإضافة إلى جملة أخرى من الأسئلة الشبيهة.
ملف الكازينو وثيقة مرعبة أعدّتها لجنة التحقيق، وما فيه يرقى إلى حدود الفضائح والجريمة، إن لم نسمع رداً حاسماً مجلجلاً، يرد الاعتبار للرجل بل وللدولة، لأنّ الأسئلة المتولدة من الكازينو تتجاوز هذا الملف وتلك الحكومة إلى مساءلة بنية المعادلة والإدارة ذاتها.
لا نريد أن نستبق الأمور بانتظار المناقشة النيابية. إلاّ أنّ رهان الرئيس على عدم حصول قرار الاتهام على الثلثين في المجلس، يقفز على ما هو أخطر من المجلس، أي محكمة الشارع وموقف الرأي العام.