اخبار البلد-بسام بدارين - لا من حيث التوقيت ولا من حيث السبب يمكن فهم استقالة وزير الإتصال الأردني طاهر العدوان أمس الأول باعتبارها حدثا يمكن الرهان عليه في توقع رحيل الحكومة برمتها قريبا والأهم أن هذه الاستقالة صاحبها كما حصل سابقا مع وزير العدل المستقيل حسين مجلي بعض 'الاعترافات' المثيرة من داخل المطبخ هذه المرة.
ولم يعرف بعد ما إذا كانت هذه الاعترافات مسجلة لصالح الجمهور والرأي العام والحق والحقيقة والشفافية أم مطرزة على مقاس السعي لتطهير الذات سياسيا وشيطنة ما تيسر من أوساط الحكومة ورئيس الوزراء معروف البخيت الذي يمكن اعتباره رئيس الحكومة الأقل حظا في كل الاتجاهات.
والمثير في استقالة العدوان وهو صحافي مخضرم ومحنك كان أهم بكثير من أي حقيبة وزارية قبل الإنضمام إلى اللعبة من الداخل.. المثير أن الرجل تحدث عن قوى متجذرة تعاكس الإصلاح وتعانده وتحاول إعاقته وهي نفسها القوى التي تحمي الفساد.
قبل ذلك تحدث وزير العدل المستقيل عن عدم وجود إرادة الإصلاح وقال كلاما عاما عن العلاقة بين حكومة بلاده التي استقال منها وبين المشروع الأمريكي في المنطقة.
وفي كتاب استقالته يفصل العدوان في الأسباب دون المضامين فيتحدث عن رفضه الإعتداءات المتكررة على الصحافيين وميول حكومته لفرض قيود ويلمح لرفض الأجهزة الأمنية وعدم تعاونها فيما يتعلق باستهداف الصحافيين.
وكان العدوان ومجلي قد حققا سوابق مشهودة عندما شاركا في مسيرات واعتصامات في الشارع ضد بعض السياسات الحكومية.
عموما يدلل الطرح الرومانسي سياسيا على أن قصد العدوان عندما يتحدث عن إعاقة الإصلاح وحماية الفساد حصريا قوى داخل الحكومة والنظام بحكم خبرته الطازجة في المطبخ لانه كصحافي وكاتب اختبر القوى الخارجية التي تعيق الإصلاح والتي تحدث عنها رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة في ندوة علنية مشيرا الى انها تمثل رأس المال والأحزاب ومراكز القوى والصحافة.
لكن العدوان بوضوح شديد تجنب التفصيل والشرح لإبلاغ الرأي العام بهوية هذه القوى ومكامن قوتها ومن يدعمها وإن كان يسجل سابقة أساسية عندما يستقيل من الوزارة لان معارضي الإصلاح يحمون الفساد.
والوزير العدوان فوق ذلك عرض السبب المباشر الذي دفعه للإستقالة وهو إرسال ثلاثة تشريعات للبرلمان بدون موافقته تمس بحريات الإعلام وتقيدها قائلا انه لا يستطيع الدفاع عن هذه القوانين في البرلمان بصفته الوزير المختص.
لكن العدوان هنا لم يبلغ لا الرأي العام ولا زملاءه الصحافيين بطبيعة وهوية القيود التي يتحدث عنها ، فالجسم الصحافي بدأ ينتفض ويتحرك باتجاهات عمياء لمواجهة حملة مجهولة ضد حريات الصحافة بدون معلومات حقيقية والمعلومة الوحيدة المتاحة بين يدي الصحافيين اليوم هي استقالة زميلهم العدوان بسبب هجمة متوقعة تقيد الصحافة دون أن تكشف الحكومة عن نصوص التشريعات وكذلك العدوان.
وحسب المتاح والمتسرب من المعلومات يتعلق الأمر بمحاولة جديدة من وزارة البخيت لتأديب الصحافة الإلكترونية وتحجيمها وإلحاق الصحافة مجددا في بيت الطاعة الحكومي.
ووزارة البخيت فكرت بالقيود ضد الصحافة في توقيت معقد وغريب تقدم فيه كل الإنظمة العربية تنازلات جوهرية لشعوبها والأكثر إثارة ان العدوان أثبت بأن حكومته تميل للتشدد ضد الإنفتاح الإعلامي في نفس التوقيت الذي يبدي فيه القصر الملكي استعداده لتقديم تنازلات سياسية كبيرة عن بعض صلاحياته لخدمة مشروع إصلاح جديد.