رغم المناشدات المستمرة من اهالي المناطق المجاوره لمصنع الراجحي الواقع شرق قرى حيان الرويبض الشرقي والغربي والتي اتخذت اشكالا متعددة منها مذكرات لرئيس الوزراء ، بضرورة ايقاف الكارثة البيئية التي تهدد صحة الانسان والنبات والحيوان ، مازل مصنع الراجحي يصرّ على استخدام مادة الفحم الحجري كوقود بدلاً من النفط أو الغاز حسب المعلومات الواردة لدينا حتى تاريخ كتابة المقال .
وللعلم فان دول اوروبا لم تعد تستخدم الفحم الحجري كوقود في استخدامتها الصناعية ، بل اتخذت إجراءات لمنع نقله عبر حدودها وموانئها لما يمثله من خطورة في عملية نقله وتخزينه والسبب يعود الى ان المادة الاولية للفحم الحجري هي مادة كيميائية نشطه باستمرار وتصدر غازات نشطة سامة لاينتهي نشاطها حتى بعد حرقها ، اضافة الى ذلك تعتبرعملية طحن الفحم من أكثر العمليات خطورة على البيئة ، ويعود هذا الخطر إلى عدم إمكانية أجرائه في ساحات مغلقة نظرا لارتفاع الحرارة ولتصاعد الغازات سريعة الانفجار والاحتراق .
أما اثناء عملية الحرق فان الغازات المتصاعدة عنه تصعب السيطرة على مخرجاتها وأبخرتها المتصاعدة من فوهات الأفران كونها تجري تحت درجات عالية جدا، ولها تأثيرات بالغة الخطورة على صحة الإنسان بالدرجة الأولى وعلى البيئة بجميع جوانبها البرية والممتلكات والتربة والمنشآت المجاورة بسبب طبيعة الحرارة والغازات المتصاعدة منه.
ولابد من الاشارة الى أن أجهزة قياس الغبار لا تستطيع التقاط دقائق غبار الفحم التي تعبر أغشية الأنف لدى الإنسان عند استنشاقه حتى لو لفترات قصيرة ومتقطعة لتستقر على جدار الرئة مما يؤدي الى اصابة الانسان بأمراض الجهاز التنفسي والرئتين كما يسبب اضطرابات مستديمة بمراكز الجهاز العصبي، وكذلك اضطرابات وحساسية بالمسالك التنفسية والبولية، ، كما انه سبب رئيسي في الفشل الكلوي.
والسؤال الآن كيف تسمح وزارة البيئة باعطاء الموافقات لادخال هذه المادة المحرمة دوليا الى الاردن، رغم ان الحكومة الاردنية موقعه على معاهدة كيوتو ،التي وصفت الفحم الحجري بالمصدر الأكبر لغاز أكسيد الكربون الخطر على سلامة كوكب الأرض برمته، ونشير هنا الى أن اتفاقية كيوتو هي اول اتفاق عالمي ملزم يهدف لحفظ انبعاثات الغازالسام.
يبدو ان تصريحات وزير البيئة الشخشيرلوسائل الاعلام بأن الوزارة لن تسمح لأي مصنع باستخدام الفحم الحجري ، وانها ستقوم خلال ايام قليلة بزيارة المصنع للاطلاع على الوضع والتأكد من موضوع الشكوى، مجرد تصريحات لم ترتقي لواقع التطبيق، هاهي الايام تمضي والاسابيع تتوالى ولا يزال المصنع المذكور يستخدم هذه المادة المحرمة دوليا.
حقيقة هذا ما عودتنا عليه الحكومات الاردنية في تعاملها مع المشكلات والتجاوزات ، مجرد تصريحات وتشكيل لجان للتحقيق و.. وتاريخها في مكافحة الفساد المالي يشهد بذلك ،وها هو ملف الافساد البيئي يطفو على السطح وهو الملف الاخطر على صحة الانسان وغذائه ،، يبدو ان الملفات ترتبط بعضها ببعض وسوف تكشف الايام القادمة عن سر صمت مريب من قبل السلطة التنفيذية والرقابية على مثل هذه الجرائم التي ترتقي لتكون في خانة الجرائم الانسانية وعلى المتضررين اللجوء الى القضاء الدولي بعد استنفاذ القضاء الداخلي استنادا لمعاهدة كيوتو الدولية وتفعيل مؤسسات حماية البيئة العالمية ، فالانتظار اكثر من ذلك هو بحد ذاته جريمة يرتكبها المواطنيين بحق ابنائهم قبل انفسهم .
المطلوب الآن إجراء تحقيق من قبل جهة محايدة تتمتع بسمعة أخلاقية بالدرجة الأولى ولها خبرة قانونية وفنية في هذا المجال لتقييم الاثر البيئي وبشكل عاجل .. وللامانة فان ما ورد من معلومات علمية دقيقة في هذا المقال ،تم اقتباسها من دراسة أعدها الدكتور حازم النمري منشورة في صحف محلية....والله من وراء القصد .
Drkmal_38@yahoo.com