بعد قضية شاهين التي ضاعت مسؤوليتها بين الأدراج والعبارات، ازدادت قناعتي بالحاجة الأردنية الماسة إلى قاعدة قانونية وأخلاقية تربط بين من يتحمل المسؤولية وبين المساءلة.
الملك في الدستور لا يتحمل التبعات، وعدد الحكومات التي شُكّلت منذ عهد الإمارة عام 1921 بلغ ما يزيد على "95" حكومة، أي بمعدل عشرة أشهر لكل حكومة، ما يجعل من الصعوبة بمكان مراقبة الأداء ومحاسبة الحكومات.
من هنا لا بد من إحداث إصلاح حقيقي جدي يكون عنوانه الأبرز وخيطه الناظم أن "من يمارس السلطة يجب أن يتحمل المسؤولية".
نحن اليوم نعيش في القرن الواحد والعشرين، ونملك من المتعلمين المثقفين أعدادا مليونية، فلا يعقل أن نرضى أن تستمر معادلة لا ندري من يحكم ولا ندري من نحاسب.
طبعا البعض يتحسس من كلمة ملكية دستورية، فالملك في الأردن يحمل بعدا معنويا يجعل البعض يظن انه مستهدف من العبارة والمشروع.
لكن الحقيقة أن الدستور الأردني كان قبل تعديلاته يفتح المجال ويبيت النية لهذا المشروع، فهو حين يقول إن الشعب مصدر السلطات فقد قصد أن يحكم الشعب ويحاسب، وأن الملك معنويا يراقب ويدير في بعض المحطات الصعبة.
وحتى نخرج من مقولة الذين يختبئون خلف عباءة الملك، ويرددون أن سلطة الملك موجودة في كل أركان ومؤسسات الدولة، ومحاسبته ممنوعة دستوريا.
لابد من الإقدام على خطوة إصلاحية –لا يمنع أن تكون تدرجية- يكون عنوانها الملكية الدستورية، بحيث يصبح ماثلا أمام أعيننا حكومات منتخبة وبرلمانية مستقلة تملك سلطة، وتحاسب عليها قانونيا وانتخابيا.
الملك في خطابه الأخير تحدث عن شكل من أشكال هذه الحكومات، وبقي أن نؤسس لذلك وأن نملك الإرادة والشجاعة للبدء بالمشروع، وأن نبتعد ثقافيا عن كل الاجتهادات التي تثير العصبيات والفزاعات.
الملكية الدستورية التي تنطلق من المواطنة وسيادة روح القانون هي الحل الأمثل لوطننا، ونحن لن نأتي ببدعة، فالأردنيون الأوائل الذين صاغوا الدستور أرادوا ذلك وأسسوا له وقد آنت الحاجة للتنفيذ.
اللجنة الملكية التي تصوغ التعديلات الدستورية مطالبة كل المطالبة بالاستماع لصوت الشارع ورغباته، وبالتالي العمل على إجراء تعديلات تؤسس لإصلاح حقيقي عنوانه ملكية دستورية يحكم فيها الشعب ويبقى الملك فوق المآخذ.
الملكية الدستورية هي الحل
أخبار البلد -