بالأمس قامت والدتي وشقيقي الأكبر بزيارتنا أنا وشقيقي الأصغر في عمان , لم ترغب البقاء لدينا لفتره بل أصرت على الذهاب إلى بيتها في إربد بالرغم من توسلاتنا لها والأيمان الكثيره التي أقسمناها عليها فإحترمنا رغبتها لكوننا نعلم أنها لا ترتاح إلا في بيتها فقمت بالإتصال بها للإطمئنان عليها بعد أن غادرتنا ومازحتها بقولي لها شو ما شاء الله صوتك مرتفع بعد ما وصلت بيتك كُنتِ عندنا وكأنك مريضه فقالت لي : ما بتسمع ببيت الشعر ( بلادك وإن شحت عليك كريمه وأهلها وإن بخلوا عليك أجواد )
وقفت صامتاً بحضرة كلامها ولم أستطع الرد أبداً فتلك هي المره الأولى التي أسمع بها بيت الشعر هذا وكأنه مرادف لبيت الشعر ( بلادي وإن جارت علي عزيزه ـــــ وأهلها وإن ضنوا علي كرام ) والمنسوب للشريف قتاده أبو عزيز بن إدريس أمير مكه عام 597 هجري .
أستغفر الله والدتي أن أرد عليك ولكن ضاقت علينا الدنيا بما رحبت فلا فسحه من أمل ولا ضوء بنهاية النفق فالبلاد التي تَشيحُ على أبنائها ليست بكريمه ولا عزيزه وأهلها الذين يبخلون ويضنون علينا ليسوا بكرام ولا أجواد .
يا والدتي لولا حُضنك الذي مازلت أهرع إليه كلما ضاقت بي الدنيا بالرغم من تجاوزي الخامسه والأربعين لوقفت بمطاره أو على أحد حدوده وصرخت بأعلى صوتي والله يا أردن إنك لأحب البلاد إلي ولولا أن المسؤولين فيك أخرجوني بقراراتهم وبُخلهم وفسادهم ماخرجت منك .
يا والدتي لا يوجد أثقل هم من الهموم نحمله من محفظة فارغه نضعها بجيوبنا نضحك بها على أنفسنا فما عدنا نخشع بصلاتنا من التفكير في إيجار المنزل أو قسطه الشهري للبنك ولا بأقساط المدارس والسياره ومصاريف البيت اليوميه والديون المتراكمه لصاحب السوبر ماركت واللحام ومحل الخضار وفواتير الماء والكهرباء وغلاء المحروقات والذين يستخفون به علينا ويستغلون سذاجتنا فيرفعون الليتر منه قرشان وفي الشهر الذي يليه يُخَفِضونه قرشاً , نعم لنا السعي والتفكير وللرب التدبير ولكن السماء لا تمطر ذهباً , غلاء كل يوم وسُعار يجتاح الأسواق والتجار الذي لا يملكون ضميراً ولا مخافةً لله ولا قانون بردعهم .
يا والدتي أنا لست بخير ولا أبناء جيلي ولا المحيطين بي ولا 90% من أبناء وطني ولا من سيأتون بعدي , همنا أصبح أن يمضي اليوم فقط لنصحوا على يوم آخر فيه الكثير من الأمل والإيمان ليتبدد إيماننا وأملنا بقرار جديد برفع أسعار جديد بسياسه تمنح لشخص جديد فلا يخاف الله فينا ولا ببلدنا ولا بأؤلئك الأطفال المشردين ولا يمن يعيشون على الجاويات وما يلقونه المترفون فيها فماتت أحلامنا وذاك الأمل الذي كان يسكن صدورنا .