اخبار البلد_ اننا إذ نحتفل بعيد الاستقلال فإننا نستذكر بكل فخر واعتزاز المواقف البطولية الشجاعة للسلف الصالح من الاجداد والاباء الذين حملوا السلاح طالبين الشهادة ليخرجوا المستعمر العثماني في مطلع القرن الماضي، ثم بذلوا الغالي والنفيس دفاعاً عن كرامة الأمة حتى نالوا الاستقلال والذي نحتفل بذكراه العطرة هذه الايام.
وإننا في ذات الوقت ايضاً نستذكر بكل خجل وعار المواقف المشينة للحكومات المتعاقبة التي ملأت مواقع صنع القرار بالفاسدين والمفسدين الذين استغلوا مواقع السلطة لتحقيق المصالح الذاتية بعيداً عن مصلحة الاردن، مما أوصل الاقتصاد الوطني إلى مرحلة من التردي قاربت الإفلاس وسلبت من الأردن قراره السيادي الذي أصبح رهن املاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ثم جائت اتفاقية وادي عربة مع العدو الصهيوني، وتلتها مرحلة الخصخصة التي اجريت بما يخالف ممارسات حتى أشد الدول دعماً للخصخصة ودعوة لها. فقد جرت هذه العملية دون وجود أجهزة للرقابة والمسائلة وضمان الشفافية ومنع الاستغلال والفساد، فكانت النتيجة أن خسر الأردن دخل الخزينة من القطاع العام الذي تم بيعه للقطاع الخاص بأبخس الأثمان، دون الإفصاح حتى عن مصير عوائد الخصخصة التي كان يجب استثمارها بشفافية تامة لتعزيز الثروة الوطنية ليس ثروات الفاسدين، ولحل مشاكل الفقر والبطالة بدلاً من تركها تتفاقم.
وإن اللحظة السياسية الراهنة التي يمر بها الأردن والمنطقة من حوله تستدعي من الاردنيين ان يجعلوا مناسبة الاستقلال لحظة لمراجعة وتقييم الاداء لكثير من الملفات على رأسها الملف السياسي ببعديه الداخلي والخارجي. فالاقليم في لحظة تحول سياسي أصبحت ملامحه واضحة في عدة مفاصل يمكن النظر اليها بصورة عامة دون الاغراق في تفاصيلها.
والقصد من هذه المقدمه هو التنبيه أن ما يسمى محور المعارضة في الأردن بات هو من يمسك بملفات الاصلاح ويحرص عليها، وبيده وحده إلى حد كبير فك خيوط ازماتها. ومقابل ذلك يقف محور الحكومة ومن يدور في فلكها من الفاسدين المُفسدين فيها، وهو محور بات بمنتهى الوضوح أنه فقد قدرته على البقاء والاستمرارية ناهيك عن قدرته على التحكم بإدارة الدولة. وقد أوضحت اميركا بما لايدع مجالاً للشك، بعد ما جرى في مصر وتونس في الفترة الاخيرة، أن الانظمة ستخسر إن هي راهنت على الدعم الاميركي والخارجي ضد إرادة الشعب، وأن الدعم الأمريكي سيصبح رهناً بالإصلاح الحقيقي الذي يحقق الاستقرار من خلال اكتساب رضى الشعب وتأييده.
امام هذه الحقائق كلها أصبح جلياً أن القيادة الاردنية تحتاج أكثر من أي وقت مضى الى مراجعة سريعة ودقيقة لسياساتها الداخلية والخارجية وكيفية التعاطي مع ملفات الأردن والمنطقة بما يساعدها على اعادة بناء الجبهة الداخلية ومواجهة استحقاقات مرحلة قاسية وصعبة قد نجد أنفسنا فيها مُجبرين على مواجهة المشاريع الساعية إلى فرض حلول للقضية الفلسطينية على حساب الاردن.
وأصبح من الضروري بناء على ذلك، الانفتاح على جميع المكونات السياسية المُنظمة وغير المُنظمة وإعادة النظر في المكون السياسي والاجتماعي الذي تتشكل منه الحكومات ومراكز الدولة، بما يوصل الأردن على بناء اجتماعي يتحمل تبعات الواقع الاقتصادي المُر وينهض لمواجهة الاستحقاقات، وهذا يتطلب حريات عامة حقيقية ومسؤولة، كما يتطلب شفافية تامة في معالجة الملفات الاقتصادية والسياسية ومكافحة الفساد ومراجعة كافة التشريعات الناظمة للعمل السياسي، وصولاً إلى حياة سياسية ديمقراطية حقيقية.
ولتحقيق ذلك، لا بد من حوار وطني شامل يتم من خلال لجنة ملكية قوامها فريق من الحكومة وآخر من الاحزاب والقوى المُعارضة.
ولننطلق في المراجعة والتقييم من سؤالين مفصليين: ماذا حققت لنا سياسات الحكومات الخارجية من مكاسب وماذا جلبت علينا من خسائر؟ وهل تسببت السياسات الحكومية في جعل الجبهة الداخلية أكثر تماسكاًُ أم تبعثراًً ؟
من هنا يبدأ التغيير إن ارادت القيادة التغيير، لاستكمال مشروع الاستقلال والبناء.
ايها الاردنيون الاوفياء الاحرار
الاستقلال الناجز هو استقلال القرار السيادي الحر وهذا لا يتم الا بإرادة شعبية قوية وواعية تعمل بنهج ديمقراطي وضمن سيادة القانون العادل الذي يسري على الجميع، لاحياء ارثنا الحضاري العروبي الاسلامي والنهوض به لمواجهة استحقاقات القرن الحادي والعشرين، والله من وراء القصد.
عاش الاردن والاردنيون أحراراً شرفاء ..... والخزي والعار للفاسدين
غازي ابوجنيب الفايز
حزب الأمــــة