قرن مضى على وعد بلفور الأسود .... وعد من لا يملك الى من لا يستحق ... ذكرى مائة عام على وعد مشؤوم صدر في الثاني من نوفمبر من العام 1917..... ما بعد اتفاقية التقسيم والتجزئة بين الاستعمارين البريطاني والفرنسي والمسمى سايكس بيكو في العام 1916 .... وبعد حرب عالمية أولى تم دفع ثمنها على حسابنا وحقوقنا .
نكرر بكل عام ما قلناه بالذكرى السابقة ....حتى وصلنا الى الذكرى المائة ....والجديد فيها ....المزيد من الآلام والحرمان ....الأحزان والدموع والكوارث الانسانية وتبعاتها الاجتماعية والاقتصادية.... كما تبعاتها السياسية ومخاطرها على الأمن والسلم الاقليمي والدولي.
ناشدنا الدول والزعماء ... .ناشدنا أصحاب الفكر والرأي .... ناشدنا الإعلام الحر وأصحاب الضمائر والمناديين بحقوق الانسان...فلم يستمعوا الينا ..... ولم تحرك كلماتنا ضمائرهم ..... قلوبهم واحاسيسهم ولا حتى ميزان العدل لديهم .
خطابات .... مقالات .... مسيرات ... اعتصامات وندوات .... وورشات عمل.... .كلها تتحدث عن ظلم هذا الوعد....وظلم هذه الدولة المتجبرة المتغطرسة التي اطلقته عبر وزير خارجيتها .... ليقلب خارطة المنطقة ....وليبقي على عار التاج الملكي البريطاني بتاريخه القديم والحديث.
عار سياسي أخلاقي انساني.... سيبقى يلاحق المملكة المتحدة التي اعطت تعليماتها لوزير خارجيتها بلفور ..... بإصدار هذا الوعد الاسود تخلصا من اليهود في اوروبا والقذف بهم في احضان بلاد العرب ..... وعلى حساب الفلسطينيين وارضهم وحقهم التاريخي .
الثاني من نوفمبر بالعام 1917 تقدمت بريطانيا عبر وزير خارجيتها بلفور بهدية مجانية .... لإرضاء واسترضاء اليهود والحركة الصهيونية بعد مؤتمرهم الاول بالعام 1897... مقابل ما جرى لهم بعهد النازية الهيتلرية وما سمي بالهولوكوست .
لكن أن يدفع الشعب الفلسطيني على حساب حقوقه وارضه وحريته ثمن قرارات المؤتمر الصهيوني الاول.... وما اسفرت عنه نتائج الحرب العالمية الاولى ..... وما انتجته اتفاقية سايكس بيكو.... يستحق التوقف كما يستحق وقوف العالم باسره ....حتى تصحوا الضمائر ....وحتى تستيقظ الانسانية ....وحتى يرفع علم العدالة في سماء هذا الكون ....هذا اذا ما كان هناك في هذا العالم ما يمكن لنا مناشدته ومخاطبته .
تجديد معالم المعاناة .... ومضمون الحرمان وما أزهقت من أرواح وما سالت من دماء .... وما هجر من عائلات وما دمر من منازل ......ظلم تاريخي يتجدد مع كل عام ....لتزداد الامور صعوبة ومحن ...ولا زال العالم يقف متفرجا صامتا .... وعلى أكبر تقدير مناشدا ومطالبا..... وليس عازما على احقاق الحق واعادته لأصحابه .
رسالتنا المتجددة وعبر مائة عام مضت .... رسالة المحرومين المهجرين ...الصابرين المرابطين الثابتين على حقهم المتمسكين بحقوقهم المصممين على اجتياز طريقهم صوب حريتهم مهما غلت التضحيات .
رسالتنا ....مناشدتنا نخاطب بها الجميع ....كما ونذكر بها الجميع بحقنا برفع قرار الظلم عنا ....بقرار أممي ملزم ولديه الاليات المحددة بضرورة الاعتراف الدولي الكامل بدولة فلسطين بعاصمتها القدس .... وعودة المهجرين لوطنهم ورفع كافة أشكال الظلم .... حيث يوجد الملايين من المهجرين بمخيمات اللجوء والشتات .... وجزء منهم تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي وجبروته وغطرسته وجرائمه .
الظلم التاريخي والمستمر والذي يتعرض له الشعب الفلسطيني لا زال قائما ومستمرا ومتصاعدا .... ولا نجد من التحرك الدولي ما يتناسب مع مساحة هذا الظلم .... ولا زالت بريطانيا صاحبة القرار الاسود بتاريخها لا تعترف بظلمها ...ولا تعترف بجريمتها .... حتى ولا تقر بحقوقنا ودولتنا وعاصمتنا القدس ...لا زالت بريطانيا على موت ضميرها ..... ونسيان جريمتها ....وحالة ضياع عدالتها .... حتى أنها لا زالت بحالة ضياع انسانيتها لذا يتم تجريمها ومحاسبتها ومحاكمتها على فعلتها .
ان اصحاب حقوق الانسان ...اصحاب العدالة والكرامة الانسانية المطالبين بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية ..كافة المتلسنين من المنافقين الكاذبين الخارجين عن جذورهم الانسانية.... وعدالتهم القانونية الخارجين عن الحسابات السياسية وغير الواعين لمخاطر الابقاء على اثنا عشر مليون فلسطيني..... وهم يعانون ويحرمون ويسلبون على مرأى ومسمع العالم باسره .
فماذا تنتظرون؟! والى أين ستأخذوننا بعد المئة عام؟! وماذا أنتم فاعلون ما بعد المائة عام ؟!.
هل ستتحرك ضمائركم ....ويكون العام القادم ما بعد المائة عام .... عام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس ... وحتى يعيش الشعب الفلسطيني بحريته وسيادته وكرامته على ارضه وفي ظل دولته .
نأمل ونعيش الأمل مع كل عام ...فلا تخيبوا امالنا ...ولا تفسدوا علينا احلامنا ....بالعيش كباقي الشعوب بحرية وسيادة ودولة ..وكما قال مفجر ثورتنا ....الشهيد القائد ابو عمار لا تسقطوا غصن الزيتون ......تعاطوا مع الموقف السياسي للقيادة الفلسطينية وعلى راسها الرئيس محمود عباس .... التي يسعى بكل قوة لتحريك عملية السلام من خلال المؤتمر الدولي .... وحتى نصل لتسوية سياسية وفق حل الدولتين .... ليعيش الجميع بأمن وسلام فلا تضيعوا هذه الفرصة الثمينة ...التي يصعب تكراراها.
الكاتب: وفيق زنداح