بهدوء تجري الحكومة تغييرات على عدد من قيادات الصف الثاني في الوزارات والمؤسسات, لكن التغييرات الأهم هي تلك التي تطبخ بعيدا عن الأضواء في مجالس إدارات الشركات التي تمتلك الحكومة مع الضمان حصص الأكثرية.
لم تعد الحكومة بحاجة الى حصص تتجاوز 50% لفرض أشكال مجالس الإدارة التي تريد, فبفضل شركة إدارة المساهمات الحكومية أصبح لديها حق التصويت في انتخابات الهيئات العامة للشركات ولم تعد المنافسة محصورة على ممثلي القطاع الخاص فهاهي الحكومة مع الضمان تتدخل لحسم النتائج في انتخابات أصبحت صورية.
تغيير إدارات الشركات, لا يزال يخضع لشكل آخر من المؤثرات لكنها لم تقترب كثيرا من الأدوات المعروفة, مثل القوانين وسيطرة حصص الملكية, وقبل ذلك معايير الكفاءة والخبرة والتخصص, بعيدا عن تسييس المناصب, على قاعدة الإسترضاء وجوائز الترضية , وكسب الولاءات.
لم تعد تكتفي الحكومة والضمان بتعيين ممثلين لهما في الشركات التي تمتلك حصص الأغلبية فقد أصبح بإمكانهما فرض ممثلي القطاع الخاص بالقوة التصويتية عبر انتخابات قانونية 100% فالأمر لم يعد متروكا للخواطر..
صبت أصوات الحكومة والضمان الثقيلة في خانة مرشحين عن القطاع الخاص بعضهم لا يملك أكثر من 500 سهم فحازوا في انتخابات غير متكافئة مع منافسين لهم يملكون أسهما كبيرة على المراكز الأولى في شكل جديد لتعيين كامل أعضاء مجالس الإدارة في الشركات لكن بثقل الأصوات.
هذه هي إحدى صور الشراكة بين القطاعين العام والخاص , عندما يسلب الأخير من حقه في التمثيل الحر أو من حقه في اختيار ممثلين بطريقة مستقلة.
لا يمكن في ظل مثل هذه التحولات الحديث بعمق عن الخصخصة وعن دور القطاع الخاص فمن تنتخبه الحكومة يجب أن يخضع لتوجهاتها وينفذ تعليماتها في عودة حكومية كاملة للسيطرة على الشركات إدارة وسياسات , في مواجهة القطاع الخاص الذي أصبح أقلية فمن تنتخبه الحكومة ومن ينتخبه الضمان سيبقى مدينا لهما بالفضل.
هذه الصورة تتكرر الآن في البنوك التي تمتلك الحكومة والضمان فيها قوة تصويتية تمنحهما النفوذ لتعيين أعضاء مجالس الإدارة والرئاسة فيها عبر انتخابات محسومة سلفا, ولولا حاكمية البنك المركزي الذي قرر تعديل القانون بما يسمح بدخول مستقلين يمثلون جمهور المودعين في البنوك لأصبحت البنوك مصارف حكومية كاملة بتمثيل صوري من جمهور المساهمين.
هذا شكل جديد من أشكال عودة الحكومة عن روح الخصخصة وعن منح القطاع الخاص محليا كان أم عربيا ودوليا الشراكة الحقيقية والفاعلة..
هذا الشكل من التدخل موجود أيضا بصورة أو بأخرى في مجالس إدارات الغرف صناعية وتجارية , بفضل قانون إنتخاب غرف الصناعة والتجارة غير المفهوم لكن المعمول به بحكم التعود منذ سنوات.