على حبات مسبحتها العتيقة ..تقرأ تراتيل ودعوات مرسلة الى خالق السموات ...هي نفسها مسبحتها التي تعرف كل همومها واوجاعها عندما تنساب اصابعها المتعبة على حباتها...ففي كل حبة دعوة ...وفي كل دعوة فرج ..
على سجادة صلاتها شريط الذكريات ..وعلى آثار قدميها الغاز فك الكرب ...على تلك السجادة موطئ ختم اقدامها المبتلة بماء وضوئها ...شهادة رضاها ترفعها مباشرة الى رب السموات والارض ...ليقترن رضى الله برضاها بصك غفران الخالق على ابنائها وبناتها...من على هذه السجادة تتواصل مع الله --- كلما اشتدت عليها الخطوب ...فتخط ببصمات جبهتها الساجدة وتنفث ما بنفسها من هم وتعب ..فترفع رأسها وقد حملت شهادة الرضا بعد ان ترك السجود على جبهتها لونا آخر--- تدعوا ربها بثلث ليل آخر ...
ممن تسمع كلمة ( الله يرضى عليك ) الا منها ...ومن يقولها من قلب صادق الا هي ...
إن من يفقد امه فقد اختلت شبكة اتصاله مع الخالق و ضاعت من عينيه كل الوان الدنيا الزاهية ...فلا طعم لسعادة ولا هناء ولا انس بعدها ..ومن اعتنى بأمه فقد ملك مفاتح الجنان ...وخير من اي باب يدخل الجنة ...
فهي مدرسة الحروف ...وجامعة اللغات ..وهي مفتاح فك الكرب والشدائد ...
من يسأل عنك إن فقدتها ومن يدعوا لك بعدها ..ومن يفقدك في فراشك حتى وإن اصبحت رجلا ...ومن يتألم لألمك ويفرح لفرحك ...إن فقدتها فماذا تملك ...وان ملكتها فماذا فقدت ...
ضع رأسك في حجر أمك وأنظر كيف تتحطم الهموم وهي تمسح بيديها الطاهرتين على رأسك ووجهك ..وأخبرني عن حجم السعادة التي تنتابك ...
وبعد هذا كله ...أبعد الأم ..هل يوجد سعادة ..بهجة ومسرة ..ابعدها هل التم شمل الرحم ولو مرة واحدة ...
امي ..يا ملاكا شامخا ...كم سهرت عندما تشعري بمرضي ...وكم سالت دموعك الزاكية على وجنتيك لتسقط على وجهي دافئة زكية ..وانت تحملقي بوجهي المصفر ولسان حالك لا يمل من الدعاء لي بالشفاء العاجل ....تقرأين علي كل التراتيل والادعية التي تحفظيها ...لا تبخلي علي ولا بدعاء واحد ...كم قبلت يدي وجبهتي ورأسي وأنا نائم ..وانت تتحسري ألما وبرد شتاء قارص
..دلوني ايها العلماء على من يشبه الام إن وجدتم ...ودلوني كيف يرد جميل الام التي خارت قواها وفقدت بعض ذاكرتها ...تلك الام التي حيرت قدرتها وعنايتها بأطفالها ..واعجزت كبار المفكرين
....امي -- لا املك الا أن ادعو لك ليل نهار-- أن يغفر الله لك ويرحمك برحمته... وأن يمن الله عليك بجنة عرضها السموات والارض .
عبد الله علي العسولي ..ابو معاذ