تقرير «الدستور» في عددها أمس؛ أشعرني بالخيبة بلا شك، فكل هذه الجهود المزعومة في العقبة لم تصمد امام 20 ملم من مياه الأمطار، ونحمد الله أن طول ساحلنا على الرأس البحري للبحر الأحمر لا يتجاوز 26 كيلومترا، وكله منشآت خدمية تقريبا ولا ساحل عار من البناء، ولو كانت العقبة على ساحل مفتوح، لأنفقنا المليارات خشية تسونامي قد يحدث مرة كل 100 سنة، لكن تسونامي هذه المرة جاء من السماء، ولم يكن له أن يكون بهذا التأثير لولا بحر آخر من التقصير والترهل والاخفاق والانفاق غير المنضبط الذي يكون غالبا على حساب مستوى الخدمة..
مدعاة للخيبة؛ تلك الصور من الطوفان، التي لم يجملها أو يخفف من وطأتها على المشاهد والمتابع سوى ظهور رجال الدفاع المدني والأمن العام، يعومون في بحور من الوحل ينقذون الناس ويقومون بفتح المناهل بأيديهم، في صورة نادرة لا تشهدها في أية منطقة في العالم، وربما هذا المنظر فقط ما يجعلنا نصبر على تقصير المقصرين، ويجعلنا نصمت عن إطلالاتهم الاعلامية وتبجحهم بالرطانة وغيرها، يتحدثون عن العقبة وكأنها امبراطورية حديدية، تديرها التكنولوجيا والإدارة الفضائية،
الوضع الآن مختلف، فرئيس الحكومة الدكتور هاني الملقي، فهو لا يحتاج شرحا كثيرا عن العقبة والمخفقين والراتعين في المواقع والمال العام، حيث كانت سلطة اقليم العقبة ورئاسة مجلس مفوضيها محطته قبل الدوار الرابع، وكتبت هنا عن ساحة رقم 4 التي تعبر بوضوح عن طريقة الرجل في الادارة، فهو يتخذ القرار حين يراه صائبا ولا يكترث بالأصوات الجانبية والتحذيرات، فكانت ساحة 4 من أهم انجازات الرجل وتعبر عن طريقته في اتخاذ القرار، ..
لن يطفىء غضبنا على ما جرى من تقصير وتدمير في العقبة صبيحة الجمعة، سوى طوفان آخر من التغيير الاداري، يتماهى مع الثورة الادارية التي أعلنها جلالة الملك وقادها رئيس الحكومة الملقي، وطبقها على أكثر من مكان، وقد يقول قائل بأن ثمة كفاءات وخبرات في بعض المؤسسات ولا تستطيع الدولة الاستغناء عنهم، فأقول لا يفكر الدكتور الملقي بهذه الطريقة، ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون مثالا، فثمة بين المتقاعدين كفاءات معروفة، لم يقم الملقي بالتجديد لها احتراما للقانون والمساواة، والعقبة ليست بمنأى عن مثل هذه القوانين والقرارات والثورات، وهذا ما يجب ان يعلمه المقصرون وغيرهم.
صورة رجال الأمن والدفاع المدني خففت من غضب الناس، فهؤلاء هم صمام أمننا وأماننا وحراس قيمنا، وليس الذين يركبون الطائرات باتجاه عمان من مساء الأربعاء ليعودوا مساء الأحد او صبيحة الاثنين، والسيارات تسير في ظل الطائرات من وإلى عمان انتظارا لجهابذة وفطاحل الادارة.. بينما الناس يغرقون في العقبة، ويخسرون أثاثهم وسياراتهم وممتلكاتهم وكان بعضهم سيخسرون حيواتهم لولا رحمة الله تعالى وجهود رجالات الأمن والدفاع المدني.
يكفينا اهمالا وتمييزا وصمتا عن هؤلاء.. وبقية القصة لديكم فالكل يفهم ويعلم وينتظر مواقف شفافه عادلة تبعث الثقة في نفوس الناس تجاه الحكومات والدولة ومؤسساتها.
ibqaisi@gmail.com