تقع فكرة وجوب تلبية الاحتياجات الصحية للأفراد في لب الدفاع عن حقوق الإنسان. وهي تشمل الحق في البقاء والحياة دون التعرض لمعاناة يمكن تلافيها. تقر المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالحق في الصحة إذ تنص على أن: "لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية ..."
فما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو الخبر المنشور في الصحف اليومية والمواقع الالكترونية حول وفاة سيدة شابة في مستشفى الكرك الحوكومي اثر عملية لا تصنف ضمن العمليات الخطرة بعد سلسلة من الاخفاقات في مستفى الامير حمزة وغيرها من الخدمات ذات المسنوى المتدني التي يتلقاها المريض مما يدق ناقوس الخطر عن غياب استراتيجيات صحية مميزة توفر الرعاية الصحية المثالية للمواطن الاردني والتي بدورها توفر من ديون الحكومة.
وللمقارنة, تُعتبر سويسرا من بين الدول التي تضمن للمسنين معاشات تقاعد «مميزة» أوروبياً، علماً أن ارتفاع معاشات التقاعد يتيح للمسن مواصلة نمط حياته وفق معايير، تجعله أقلّ عرضة للإصابة بوعكات صحية قد تكون عبئاً على وزارة الصحة. وتصل معاشات التقاعد في سويسرا للموظفين الحكوميين الذين عملوا في القطاع العام لأكثر من 25 سنة، إلى أربعة آلاف فرنك سويسري وما فوق، شهرياً. وهذه معاشات يحلم بها المسنون في دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
وصحيح أن هذه الدول تقدّم معاشات لا علاقة لها بأي تعامل رسمي إنساني بين دولة ومواطنيها، غير أنها، وفي موازاة ذلك، تملك أنظمة رعاية صحية متطوّرة ونمط حياة مقبولاً لخدمة المسنين في أي وقت وهو امر مفقود في الاردن اذ لا فرق في اخذ مجرد موعد في اي مستشفى حكومي بين مريض يتجاوز عمرة الستين واخر لا يتجاوز الاربعين.
سويسرا، هي الأولى أوروبياً لناحية معاشات التقاعد، والثامنة عالمياً. وتأتي السويد في المركز 14، وفنلندا والولايات المتحدة في المركز 19. أما ألمانيا وفرنسا والنمسا فتحتلّ المراكز 10 و11 و12 على التوالي. ولافت في الأمر أن اليونان، وعلى رغم أزمة ديونها المالية الخانقة، تتخطى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال لناحية المعاشات التقاعدية التي تصل إلى معدل 800 يورو شهرياً.
نظام الرعاية الصحيّة في النرويج – وهي دولةً غنيةً ذات مساحةٍ واسعةٍ نسبياً بالمقارنة مع تعداد سكانها البالغ 4.8 مليوناً فقط – نظامٌ عمومي يوفر التغطية الشاملة المرتكزة على الضرائب. يتم تنظيم الرعاية الأوليّة الشاملة في النرويج على مستوى البلديات، بينما يتم تنظيم الرعاية التخصصية على المستوى الوطني عبر المؤسسات الصحيّة الإقليمية المسؤولة أمام وزارة الصحة مباشرةً.
تملك النرويج واحداً من أعلى معدلات كثافة الأطباء وغيرهم من المهنيين الصحيين في أوروبا. يتمتع المهنيون الصحيون بدخلٍ مرتفعٍ وبظروف عملٍ جيدةٍ. يتوافر التعليم العالي للجميع مجاناً، لكن ما تزال القدرات المحلية لتدريب الأطباء غير كافيةٍ. لذلك تُقدّم الحكومة للطلاب منحاً وقروضاً للدراسة في الخارج.
يتم في النرويج تطبيق سياسةٍ قويةٍ للتنمية الريفية ويتمتع المواطنون في كلا المناطق الريفية والحضرية بذات الحقوق القانونية في الحصول على خدماتٍ صحيّة جيدةٍ. ومع ذلك، شكّل توفير العدد الكافي من المهنيين الصحيين المؤهلين، ولا سيما الأطباء، تحدياً كبيراً لإيتاء الخدمة الصحيّة في الجزء الشمالي من النرويج خلال عقودٍ ماضيةٍ.
هذه نماذج بسيطة في مواجهة نرهل غير مسبوق في الاردن في خدمة المريض وتوفير الرعاية الصحية وهي اول اوليات الحكومة الا اننا نسمع جعجعة ولا نرى طحناً.
Suhail.hadad@gmail.com
0796348762