أخبار البلد - بداية لا بد من الإعتراف أن مخالفة قانون العقوبات و مبادئ الشريعة الإسلامية بموضوع الكازينو ( بيت المقامرة ) ليست غريبة علينا حيث كان كازينو قصر هشام في أريحا مرخصاً من الحكومة الأردنية بأوائل الخمسينيات من القرن الماضي .
و بعد حرب حزيران سنة 1967 بسنوات كانت تجري محاولات لإيجاد كازينو في البحر الأحمر بالمياه الإقليمية الأردنية و لم تفلح هذه المحاولات ، و في أوائل هذا القرن و بعهد حكومة المهندس علي أبو الراغب أعطي ترخيص لكازينو في منطقة جسر الشيخ حسين أو ( المعبر الشمالي ) .
و تلا هذا الترخيص ترخيص آخر بكازينو في منطقة العقبة الإقتصادية ثم تلاه تفويض حكومة البخيت لوزير السياحة بالتوقيع على اتفاقية الكازينو بالبحر الميت مع شركة الواحة ، و ذلك بعد أن درست الحكومة الإتفاقية بجميع بنودها و وافقت عليها و طلبت من وزير السياحة التوقيع على الإتفاقية نيابةً عنها. و عودة للموضوع بعد أن عرفنا أن أكثر من ثلاثة حكومات ساهمت في منح تراخيص لكازينوهات و حسب وجهة النظر القانونية كان أقربها للقانون اتفاقية كازينو البحر الميت . ذلك لسبب بسيط هو أن حكومة البخيت هي الوحيدة التي أعطت الموافقة على الترخيص بعد أن اعتُبر الكازينو من المهن السياحية بموجب قانون السياحة و استناداً إلى قرار المجلس الوطني للسياحة رغم أن وجود هذا النشاط السياحي يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية و مع قانون العقوبات الذان لا يجيزان المقامرة .
من هنا لا أدري لماذا أثار رئيس الحكومة هذا الموضوع الذي كان قد أثير و جمد في أدراج مجلس النواب السابق كغيره من المواضيع التي جمدت و لم تصدر بها قرارات رغم خطورتها ابتداءً من قضية برنامج التحول الإقتصادي و مروراً بقضية أراضي الطنيب و انتهاءً بقضية اتفاقية كازينو البحر الميت و التي جميعها كانت من أسباب حل مجلس النواب السابق .
باعتقادي أن مجلس النواب الحالي كان يترتب عليه أن يرجع إلى أعمال اللجان النيابية السابقة بمواضيع الفساد و التي لا زالت في أدراج تلك اللجان مثلما يترتب على مجلس النواب أن يبحث كل قضايا الفساد المتعلقة بالوزراء بموجب اختصاصه الدستوري و القانوني في قانون محاكمة الوزراء ، و كذلك من خلال وظيفته الأساسية في الرقابة على أعمال الحكومات عليه أن يرجع إلى مدى قانونية صدور ترخيص الكازينو في المعبر الشمالي حيث منحت الحكومة الترخيص دون أن يقرر مجلس سلطة السياحة اعتبار نشاط الكازينو من نشاطات المهن السياحية .
بعد أن نتجاهل مخالفة ترخيص الكازينو لمبادئ الشريعة السمحاء و لقانون العقوبات على جهة لنبحث مسؤولية الحكومة عن إجحافها بحق الدولة الأردنية عندما وقعت على شروط الإتفاقية خاصة الأخيرة و التي كانت لصالح شركة الواحة في موضوع اختصاص المحاكم البريطانية عند نشوء أي خلاف على الإتفاقية فإني أستغرب عدم مسائلة معظم الحكومات الأردنية التي وقعت اتفاقيات مع دول أومؤسسات أوشركات أجنبية وضعت جميعها هذا الشرط فمعظم اتفاقيات الحكومات تخضع للقوانين الأجنبية كالإيطالية أو الهندية أو الأمريكية أو البريطانية أو الروسية .
لا شك أن تلك الحكومات التي أجازت تلك الإتفاقيات مع الأجانب قد ارتكبت نفس الجرم الذي ارتكبته حكومة البخيت ، علماً بأن هناك قاسم مشترك أعظم لمعظم التجاوزات و المخالفات المرتكبة ذاك القاسم الذي يتحدث عنه رؤساء الحكومات بجمل مقتضية توحي بأن هناك جهات عليا ترغب في هذا المشروع أو ذاك ، و مع أن تلك الجهات تعلن للجميع أن القول بأن التوجيهات من فوق قول عاري عن الصحة . مثلما رسم الدستور الأردني طريقاً واضحاً يشعر به الوزراء قبل غيرهم بأن الرغبة العليا و الإرادة الملكية الخطية و الشفوية لا تعفي الوزراء من مسؤوليتهم و مسائلتهم ، و حتى لو افترضنا أن الرغبة الملكية قد حصلت ألم يكن بإمكان الوزير أو رئيسه أن يبين لجلالة الملك أن هذا الأمر يتعارض مع القانون أو الشريعة أو أن هذا الأمر مجحف بحق الدولة أو فيه انتقاص من سيادتها على أراضيها ؟؟ .
و خلاصة القول لتُفتح ملفات القضايا على الجميع و تطبق سيادة القانون على الجميع أيضاً و يتحمل المخطئ مسؤولية خطئه لأن المثل البريطاني يقول ( المسؤول لا يخطئ حيث بمجرد ارتكابه للخطأ يصبح إنساناً عادياً و لا يجوز أن يبقى مسؤولاً فعليه أن يتنحى ليدفع ثمن خطئه و يتقاسم المسؤولية عن الخطأ هو و من أسند له القانون وظيفة مراقبته ) مذكراً الجميع بأنه ليس مطلوب أن نجد كبش فداء في كل قضية يتحمل المسؤولية عن غيره و تغلق على حسابه و من حسلب الوطن .
حمى الله الأردن و الأردنيين و إن غداً لناظره قريب .