الرؤى الهـاشميـة العصـريـة للاستـقـلال

الرؤى الهـاشميـة العصـريـة للاستـقـلال
أخبار البلد -  

في الذكرى السبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية والذكرى المئوية الأولى للثورة العربية الكبرى التي يتفيأها الأردنيون كأسرة واحدة في هذه الأيام، وفي غمرة هذه الذكرى الوطنية الخالدة نستذكر قيام دولة حديثة تأسست لأول مرة في التاريخ كوحدة إدارية وسياسية ومعترف بها دولياً وكان ذلك عام 1921 على يد المغفور له جلالة الملك عبد الله بن الحسين المؤسس.

 ولمّا نودي بالمغفور له الملك عبد الله بن الحسين المؤسس أميرا للبلاد عام 1921، كانت أمامه مهمة صعبة، أولاها توحيد أراضي الإمارة والقبائل والتجمعات السكانية لتلتقي تحت مظلة واحدة، مظلة الإمارة، إمارة شرق الأردن، ولضمان هذه الوحدة من الأخطار الخارجية وحفظ الأمن الداخلي فقد أسس جلالته نواة الجيش العربي والأمن العام لحفظ هيبة الدولة وتأمين الأمن الداخلي، العنصر الأهم في تنفيذ خطط التنمية، وعمل جلالته على تأسيس نوى المؤسسات المدنية من تعليم وصحة ودور عبادة واقتصاد وزراعة ومواصلات وغيرها، تمكيناً للدولة للاعتماد على الذات والموارد البشرية المادية الوطنية على سبيل تحرير الإرادة الوطنية من الحكم الأجنبي، الاستعمار البريطاني، وتم له ذلك عام 1946، حيث اعترفت بريطانيا العظمى باستقلال الأردن واصبح اسم الإمارة المملكة الأردنية الهاشمية.


إن المفهوم الهاشمي للاستقلال مفهوم حضاري متكامل وليس مجرد عدم تبعية للأجنبي عسكرياً، انه الخدمة والعدل والمساواة والنهوض بالإنسان، على سبيل تعميق الحس الوطني الأردني بالتناغم مع الحس القومي الديني والإنساني. وقد أسعف الهاشميون في هذا الوعي المتميز لمفهوم الاستقلال، قيادتهم الضاربة في أعماق التاريخ قبل الإسلام وبعده فهم أصحاب الولاية القومية والدينية، بهذا الوعي والفهم للحكم باشر المغفور له الملك المؤسس بناء دولة حديثة واعية للظروف الإقليمية والدولية البالغة الدقة والتعقيد.


وبفضل هذا الوعي تتمتع المملكة بعلاقات طيبة مع جميع دول العالم على تناقضاتها الأيدلوجية والاقتصادية والعسكرية والسياسية. وهذا يعبر عنه في السياسة بالإرادة الوطنية الحرة، والتي بفضلها لم يسجل على الأردن في يوم من الأيام انه كان منزوع الإرادة أو متخبطاً أو أنه دولة إرهابية تأوي الإرهاب وتحميه كتلك الدول التي تولّى الحكم فيها عسكريون أغرار فهموا الاستقلال والحكم على عكس فهم الهاشميين سالف الذكر، فلاقوا من الدول العظمى من مضايقات ما لاقوا، وليس من ضرورة لإجراء مقابلة بين إنجازات الهاشميين بحكم فهمهم الواعي للحكم والاستقلال وبين إنجازات الدول الأخرى التي لحق بها الضعف والتخبط والمحاصرة الاقتصادية نتيجة لتخبط قياداتها، فهذا أمر مفهوم واضح.


وتعزز الفهم الهاشمي للحكم والاستقلال وتجذر في عهد باني الأردن الحديث المغفور له جلالة الملك الحسين المعظم في أدق الظروف وأصعبها. إذ جنب الأردن أخطار التخبط والتراجع فكان كالربان الماهر الذي أنقذ سفينته ومن معه من عاصفة هوجاء أوصلها بحكمته إلى بر الأمان، فعمق رحمة الله الحس الوطني الأردني رغم كل المحاولات الحاقدة، كان همه الأول الارتقاء بالمواطن الأردني علمياً ومعرفياً وسلوكياً وحضارياً وعياً من جلالته أن الإنسان المتعلم الواعي يمكنه التعامل مع القضايا الوطنية والقومية والدولية بعقلانية تجعله دائماً مع الحق.


ولم يقتصر الدور الهاشمي في الاستقلال والحكم على الأردن فعاطفتهم الوطنية هي اكبر من ذلك من خلال إيمانهم بمبادئ الثورة العربية الكبرى: لقد اخذوا دائماً دور المعين للامة العربية من خلال مساهمة فأسهمت الكفاءات الأردنية في خطط التنمية في الدول العربية الشقيقة. لقد رأينا كيف كان قلب جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال المعظم على العرب ومن قبله كذلك جلالة جده المغفور له الملك عبد الله بن الحسين المؤسس، ففي أصعب الظروف الصحية التي ألمت بالحسين رحمه الله لم يغفل جلالته عن تقديم النصح والمعونة للامة العربية ومن نافلة القول أن نذكر بدور جلالته في الاعتماد على الإرادة العربية في أزمة الخليج فقد كان جلالته يريد حلاً عربيا مستقلا داخل البيت العربي لا أن يعتمد العرب في حل قضاياهم على الأجنبي، وهذا هو الاستقلال حقيقة ودور جلالته في مساعدة الاخوة الفلسطينيين غني عن الترويج. فكان لآخر لحظة في حياته مع الاخوة الفلسطينيين في الحرب والسلم.


الإستقلال ليس مجرد وثيقة كتبها الأولون وتوارثها اللاحقون، إنما الإستقلال أن نقود عقولنا نحو الحرية والوعي، هو الحفاظ على كرامة الوطن والمواطن على حدٍ سواء في العيش بسلام وأمان وطمانينة بما يكفل العيش الكريم لكافة شرائح المجتمع، أن نحافظ على نظافة وطننا فهذا من معاني الإستقلال، قبول الآخر واحترام الرأي والرأي الآخر هو الإستقلال، أن نحافظ على مبادئنا وعادتنا وتقاليدنا هذا هو الإستقلال، الإستقلال أن نحمي هذا الوطن من أيادي العابثين الحاقدين الذين يحاولون جر الأردن إلى ما وصلت إليه الدول الأخرى من الفوضى والخراب وغياب الأمن.


واليوم ونحن نعبُر الألفية الثالثة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم وفيما يشهد العالم والمنطقة من متغيرات دولية وإقليمية، فإن الثقة بالمستقبل والتفاؤل يتجددان في ظل تحولات بنيوية عميقة في وقوع منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن لا بل ملتهب، والتحولات العصرية في الاقتصاد والاستثمار والإنتاج وعصرنة الإدارة وتحديث المناهج التعليمية والتركيز على المعلوماتية وإقرار رزمة القوانين والتشريعات التي تجذب الاستثمار وتعود بالفائدة والنفع على الأردن وكوادرنا الإنتاجية خبرة وكفاءة. ولقد رأينا كيف انه جلالته تمكن برؤيته الثاقبة أن يحدد الأولويات التنموية الأردنية من خلال تأطير برنامج وطني وزمني ورؤى وسياسات لوثيقة الأردن 2025 وللأجندة الوطنية وعمل الحكومات المتعاقبة، وركز جلالته على الارتقاء بالمستوى العلمي لمؤسساتنا التعليمية والصحية والخدماتية إيمانا منه بأن الاقتصاد هو مفتاح الحل لأسباب التنمية المستدامة. وركز على صناعة المعلومات والحاسبات والبرمجيات والاتصالات كأولوية أردنية. هذا الوعي من جلالته يجعل الأردنيين سباقين في المنطقة في علم الحاسوب والالكترونيات والاتصالات، وبذلك ضمان لتأمين فرص عمل للشباب الأردني المؤهل محلياً وعربياً ودولياً.


فجلالته يمثل همّة الشباب المنفتح على أسباب التقدم العلمي والذي يسعى جاهدا لتأمينه للشباب الأردني والإستثمار بالإنسان المدرك والواعي ضماناً لديمومة النماء والتميز، على سبيل الاكتفاء الذاتي وتخليصاً للإرادة الأردنية من التبعية، حيث الإرادة الحرة هي المؤشر على استقلال البلد فدعوه جلالته للأردنيين ليكونوا أهل العزم ومشاركين في صناعة القرار لم تأت من فراغ. إن جلالته يشكل الامتداد القوي لهمّة الهاشميين. وجسّد جلالته خلال الفترة الماضية من عهده الميمون مفهوم الاستقلال برؤيةٍ شموليةٍ اعتمدت جوهر رسالة الهاشميين في الحكم واضعاً نصب عينيه تحقيق المزيد من عناصر القوة والازدهار والتجديد والتحديث والعصرنة في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وغدت كفاءة جلالته وبعد نظرة وقدرته على التعامل مع المستجدات والمتغيرات بروحٍ عالية من المسؤولية سمة من سمات الدبلوماسية الأردنية، مما أوجد للأردن موقفاً متميزاً وحيوياً على الخريطة العربية والعالمية يحمل قضايا الأمة وهمومها.


ولقد ركّز جلالة الملك المعزز على مبادرات لا تعد ولا تحصى في سبيل رفعة المواطن الأردني ورفاهه في مجالات عدة كولوج طريق المعلوماتية والرقمية والاتصال والانفتاح على العالم والبناء على الحداثة دون الانسلاخ عن الماضي التليد فالدبلوماسية العالمية النشطة لجلالته وللخارجية الأردنية والاستثمارات والمشاريع الاستراتيجية الكبرى، وجذب رؤوس الأموال الاقليمية والعالمية للأردن جلّ واضح للعيان واطلاقة للمناطق التنموية والمناطق الصناعية المؤهلة والتخطيط الناجح لذلك مؤشر للاهتمام بتعزيز الانتاجية لجيل الشباب ومشاريع القضاء على تحديات الفقر والبطالة، ومشاريع الطاقة المستجدة والطاقة الذرية والاشعاعية ومشاريع البيئية والمياه والأشغال العامة والاسكان والنقل بمجالاته المختلفة، ومشاريع تطوير عمل البلديات ومشاريع دعم الصناعات المحلية والتوجه نحو التجارة الحرة ومشاريع الاتصالات والتشغيل والمشاريع المتوسطة والصغيرة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياحة والزراعة والبرامج التعليمية والسمعة الأكاديمية الطيبة وجودة التعليم ونبذ الغلو والتطرف والتركيز على سياسة الوسطية والاعتدال وما ورد في رسالة عمان والسياسة الاعلامية المنفتحة والمسؤولة وما ذلك كلّه الا مؤشرات وشذرات وأدلة راسخة على أن جلالته أبهر العالم كلّه خلال الثمانية والأربعين عاماً من عمره المديد والاحدى عشر عاماً من سنيّ حكمة السديد.


وما المواءمة في معادلة الأمن والديمقراطية والتي ننعم بها في الأردن، في خضم عالم شرق أوسطي يعيش ويلات سبع حروب وأكثر وتتلاطمه أمواج الإرهاب والتطرّف، إلا دليل على نجاح قيادة جلالته في ضبط أمننا الوطني بأبعاده المختلفة سواء كانت عسكرية أم سياسية أم أمنية أم فكرية أم اقتصادية أم اجتماعية أم مائية أم غذائية أم غيرها وهي مؤشر أيضاً على نجاح ثالوث القيادة والاجهزة الأمنية والشعب في تكاملية الإنجاز والإنتاجية للوطن وهذه مناسبة ولا أحلى لنحيي بملئ أفواهنا أجهزتنا الأمنية البطلة على جهودهم الطيبة والمباركة والمعطاءة لخدمة القيادة الهاشمية المظفرة والوطن الأشم والمواطن المبدع لتوفير نعمة الأمن والاستقرار لهذا الوطن المعطاء.


وفي محك الرجال الرجال ثبت الأردن وأثبتت القيادة الهاشمية قدرتها المتواصلة على الصمود والعطاء لدعم الأهل في فلسطين وذلك انطلاقاً من فكرهم الهاشمي المنبثق من فكر الثورة العربية الكبرى. وما الوقفات الهاشمية البطلة لجلالته لصالح القيادة والشعب الفلسطيني إلا مؤشرٌ على السجل المشرِّف الواعي المتزن الذي تتصف به قيادتنا الهاشمية. فمواقف جلالته أثبتت للعالم اجمع أن القضية الفلسطينية ذات بعدٍ سياسي لا أمنى، وان الشعبين التوأمين الأردني والفلسطيني يرتبطان ببعضهما كما يرتبط الزرع بالأرض وكما ترتبط حبات الندى مع أوراق الورد. شركاء في الدم والقوت والتفكير والأمل والطموح.


وأما قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة درع الاستقلال وحاميه التي يزين تاجها الجيش العربي فهو جيش العرب جميعاً، الذي لم يتوان يوماً عن نجدة أشقائه العرب في كل مكان. وبهذه المناسبة نستذكر وقفاته في نصرة إخواننا في فلسطين في معارك باب الواد والقدس واللطرون والكرامة والجولان. ونستذكر مساهماته في تدعيم السلام العالمي من خلال المشاركة في قوات حفظ السلام في البوسنة والهرسك وسيراليون وتيمور الشرقية. ونستذكر أيضا وقفاته الإنسانية المشرفة من خلال المستشفيات الطبية الميدانية في رام الله وبغداد وأفغانستان. فألف تحية إجلال وإكبار إلى قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة والى الأوفياء المخلصين والجنود المجهولين من أبناء هذا الوطن الساهرين على أمنه في ظل دولة القانون والأمن والاستقرار في مجتمع العدالة وتكافؤ الفرص.


إن تحرير الإرادة الأردنية من الانغلاق والانكفاء والتقوقع جعل الدبلوماسية الأردنية مسموعة محلياً وعربياً ودولياً، وجعل الأردني مرحبا به أينما ذهب، ولقد تدعمت هذه الإرادة ونمت بالنهج الديمقراطي القائم على التعددية وحرية التعبير والمساواة. هذا النهج اكسب الأردنيين ترحيبا وقبولا، حيث العالم المتحضر لا يحترم إلا الإنسان الديمقراطي الذي يقبل بالرأي والرأي الآخر.


ويعتبر الأمن والاستقرار هما الأولوية الأولى في أولوياتنا الوطنية وهما الشرط الأول والركيزة الأساسية للتنمية. والى جانب الأمن الديمقراطية، والتي إن تواءمت مع الأمن أصبحنا ننعم بنعمتين لا تطغى إحداهما على الأخرى. وهذا ما جاء في خطاب التكليف السامي للحكومات المتعاقبة في عهد جلالته. ويكفينا فخرا كأردنيين بأننا ننعم بهاتين النعمتين رغم صعوبة الظرف وحساسية الموقف في المنطقة والإقليم. وأعتقد جازما بأن هذه النعم ما كانت لتكون لولا دبلوماسية وحنكة القيادة من جهة، وتضافر جهود أجهزتنا الأمنية البطلة، ووعي مواطننا الأردني المنتمي والمدرك والمتزن.


وحيث العالم كله يعاني ويلات الإرهاب والتطرف كتحدٍ أساس لقضايا التنمية والحياة، فقد بادر الأردن بقيادة جلالة الملك المعزز بإطلاق رسالة عمان من الأردن الهاشمي والتي شكلت منعطفا تاريخيا لمخاطبة الغرب بلغتهم لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام، هذه الصورة التي تبرز بشكل واضح سماحة الإسلام ووسطيته وانفتاحه على الحضارات وتعكس قيم الخير ومبادئ الحق والعدل التي تركز عليها رسالة الإسلام العظيمة لتصب في الاتجاه نفسه الذي تكرسه لغة الحوار التي تشكل أرضية مناسبة لكل بني البشر أيا كانت دياناتهم ومعتقداتهم وألوانهم وجنسياتهم ليعمروا الأرض ويدفعوا باتجاه الحوار والتفاهم والتنمية ومحاربة التعصب والتطرف والفتن وبخاصة أن مجموعات وجهات وأطراف وأفراد يجدون في بعث التطرف وإثارة النعرات الدينية والطائفية والعصبية فرصة لتبرير خطابهم وترويجه بعد أن اختاروا العنف والإرهاب على أشكاله من إرهاب فكري إلى إرهاب مادي بالقتل والتفجير والترويع والاختطاف وتكون آثاره اكثر خطورة وكارثية على المجتمعات عندما تلبس لبوسا دينيا والدين منهم ومن أعمالهم براء وهي القضايا التي ركزت عليها رسالة عمان وأسهمت في توضيحها والتعريف بها لدى المسلمين كما لدى كل المؤمنين على وجه هذه المعمورة.

ويسجل للقيادة الهاشمية هذه الخطوة التاريخية في العصر الحديث لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام وتوجيه الشباب لنبذ العنف والتطرف والغلو، ولهذا شارك الأردن في محاربة الفكر المتطرف والإرهاب بمسارات عسكرية وسياسية وأمنية وفكرية، وبادر بمشاركة قوى التحالف الدولي ضد الإرهاب والتطرف وضربه بخطوات إستباقية في عقر داره، وما زال يجابه الإرهاب والإرهابيين لنقضي عليهم، ومناسبة لنستمطر شئابيب الرحمة على أرواح شهدائنا الأبطال كافة وروح شهيدنا البطل معاذ الكساسبة الذي ضحى بنفسه في سبيل الدفاع عن الإسلام.


وفي مجال محاربة الإرهاب، فان هنالك دعوة لمكافحة الفكر المتطرف بفكر وسطي معتدل يدعو إلى تعزيز ممارسة القيم الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإنسانية الإيجابية ومحاربة السلبيات المنافية لهذه القيم، إضافة إلى دعوه لبناء ثقافة سلمية محبة للعيش وحق الحياة لدى الشباب، وتعزيز الثقافة الفكرية المبنية على المبادئ الأيدلوجية بغض النظر عن اللون أو الدين أو العرق أو الجنس أو المذهب، ودعوة لغرس مفاهيم العقلانية والواقعية في التعامل مع الأشياء، وبناء ثقافة مجتمعية وأمن مجتمعي أخلاقي ينبذ أساليب الإثارة والاستفزاز والشتم والعنف والغلو والتطرف والإشاعة والإرهاب. وكل ذلك يصب في بوتقة الأسلوب الوقائي لنبذ ومكافحة الإرهاب.


وحيث أن شريحة الشباب في الأردن ممن هم في الفئة العمرية بين 12-30 عاما تشكل حوالي 42% من المجتمع، فان دورهم النوعي والكمي في محاربة الإرهاب يجب أن يكون بقدر وعيهم ونسبة تأثيرهم في المجتمع كأحد المؤشرات على فعالية ذلك الدور. ولهذا فإننا نعول على دور الشباب الكبير في تشكيل حالة الوعي العام لنبذ العنف والغلو والتطرف. وأعتقد جازما بأن ما تقوم به المؤسسات الشبابية ممثلة في المجلس الأعلى للشباب والجامعات يصب في هذه البوتقة. وما إطلاق هيئة شباب كلنا الأردن ولقاءات جلالته المتكررة مع الشباب إلا دليل الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالته لهذه الشريحة الواسعة والخيرة من أبناء الوطن سعيا لتجذير مشاركتها في بناء الوطن.


وأمّا في مجال التعليم والتعليم العالي فلقد أصبحت رسالة التعليم تدعو لتحقيق المعرفة و التميز و التنافسية كإحدى ثمرات الاستقلال، فأصبحت المدارس والجامعات قاطرة للتنمية والابتكار والإبداع. ففي مجال المعرفة اصبح لدينا القدرة البحثية العالية والإنتاج و النشر العلمي المتميز و القدرة على المشاركة في ريادة المستقبل و التعليم و البنية المعلوماتية الأساسية. وفي مجال التميز والتنافسية أصبح لدينا جودة عالية وكفاءة في الأداء وأنماط جديدة من النظم والآليات والمرونة. ويتطلع الجميع إلى مجتمع علمي على مستوى عالي من الكفاءة والالتزام وعلاقات فاعلة مع المؤسسات التعليمية والبحثية المتميزة العالمية. 

وأصبح لدينا الحافزية العالية للتميز العلمي، ودليل ذلك استحداث تخصصات مشتركة وتخصصات بينية و المشاركة في إدارة البحوث و التطوير في مجالات التنمية و المساهمة الإيجابية في التنمية البشرية، وإيجاد مراكز التميز العلمي والتكنولوجي والحاضنات وكيانات البحث والمتنزهات العلمية والتكنولوجية ومراكز البحوث والإدارة الاقتصادية للإبداع و الابتكار العلمي وبرامج التميز وتشجيع المواهب والحضور الفاعل والمستمر دوليا في المحافل كافة.

 ودليل تميز التعليم في الأردن أن عدد الطلبة الوافدين في الجامعات الأردنية يصل إلى أكثر من خمسة وثلاثين ألف طالب وطالبة، وهذا يشكل ما يربو عن 10% من معدل الجسم الطلابي ويصل في بعض الجامعات إلى حوالي 18%. وحسب استراتيجية التعليم العالي فإن هذا الرقم سيصل إلى حوالي ضعف العدد في عام 2020عبر السياحة التعليمية وإيجاد البيئة الجامعية الجاذبة، وهذه نقطة اعتزاز وطني مضيئة لنا جميعا.


ولعلّ الاصلاحات السياسية والاقتصادية الأخيرة التي نادى بها جلالة الملك وتبنّاها على سبيل اعداد قانون عصري للإنتخابات النيابية وآخر للأحزاب ومثلها للإستثمار والاجتماعات العامة والمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للإنتخاب وصندوق الإستثمار وغيرها يمثّل توجّها مثاليا للمشاركة والتوافقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية واعطاء الفرصة لكل مواطن ومنظمة مجتمع مدني وحزب للتعبير عن رأيه ويعد أحد المفاصل الرئيسة للإصلاح والرضى الشعبي الكبير لهذه الخطوة.
ولقد جاءت التعديلات الدستورية الأخيرة برؤى وتوجيهات من لدن صاحب الجلالة كخطوة استباقية هاشمية بامتياز ولتؤكد للعالم أجمع أن جلالة الملك يمثّل نهج الارادة السياسية الاصلاحي المتطوّر والمستجيب لمسيرة التغيير ولغة العصر والمستشرف والمستجيب للحاجات المستقبلية للمواطن والدولة وتؤكّد أيضا على استحقاقات تطوير الحياة السياسية والديمقراطية المتجددة ودسترة العمل السياسي للمواطن والأحزاب السياسية وتؤكد على النهج الهاشمي باحترام الانسان وحقوقه وكرامته وتؤكد على أن الأردن دولة قانون ومؤسسات حقيقية لا صورية، وأن هذه التعديلات تشكّل حالة توافق وطني وانجاز تاريخي أردني بامتياز بين منظومة القيادة والشعب وتشكّل استكمالا لمنظومة وخارطة طريق اصلاحية شاملة للدولة الأردنية العصرية والمتجدّدة صوب تحقيق الأهداف التي يصبو اليها جلالة مليكنا المفدّى. 


وما إنعقاد مؤتمر دافوس الإقتصادي لعدة مرات في الأردن وتجمّع قادة العالم السياسيين والإقتصاديين في البحر الميت إلا دليل على وقوع الأردن على الخريطة السيادية العالمية كبلد قيادته مؤثرة وله حظوة وحضور عالمي يشار له بالبنان، وبالطبع هذا الحدث العالمي يستفيد منه الأردن في مشاريع البنى التحتية وفرص العمل والإقتصاد الوطني وغيرها.


وكان التلاحم الوطني الكبير بمناسبات أعياد الوطن بين القائد والشعب بأطيافه وجغرافيته ومؤسساته كافة رسالة للداخل والعالم بان الأردنيون كافة يلتفون حول قيادة جلالة الملك المعزّز ويؤيدون المشروع الاصلاحي والرؤى الثاقبة لجلالته صوب بناء الدولة الأردنية العصرية وكان التلاحم الوطني أيضا رسالة للفخر بالقائد والوطن والدولة الأنموذج المتمسّكة بالحداثة والتقدّم والبناء وكان التلاحم الوطني أيضا رسالة بأن الأردن تم بناؤه منذ أكثر من ثلاثة وتسعون عاما على أرضية صلبة قوية وجبهته الداخلية متينة وكأني بالأردنيين يهتفون "معه وبه انا ماضون فلتشهد يا شجر الزيتون” وهذه رسالة لكل حاسد أو حاقد أو مشكك أو انتهازي يحاول المساس أو العبث بأمن هذا الوطن الذي آوى ونصر وجبر كل من انكسر وكان الحضن الدافىء والأم الرؤوم للجميع. 


وكانت الرسائل الملكية السامية لتشكيل لجان النزاهة الوطنية وتنمية الموارد البشرية ووثيقة الأردن 2025 وغيرها بهدف زيادة ثقة الشعب بأجهزة الدولة بل وتجسير الهوّة في خضم ربيع عربي أمواجه متلاطمة وذلك من خلال التركيز على الأساسيات الداعمة لمنظومة العدالة والنزاهة، بل والذهاب لحل مشاكل جذرية لا تجميلية فقط، وضرورة تطوير وتحديث منظومة عصرية ومتكاملة وفاعلة للنزاهة الوطنية بالتوافق الوطني ولتضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية والاخلاقية لإنجاح مسيرة الاردن الاصلاحية الشاملة، وتحديداً ترسيخ ثقافة مجتمعية داعمة لمفاهيم الشفافية والنزاهة والحيادية والإستحقاق بجدارة وتكافؤ الفرص وتطبيق لغة القانون والعدل والسعي لتوظيف الشباب العاطل عن العمل.


وكانت الرؤى الملكية السامية لتطوير الجهاز الإداري للدولة تنبثق من مأسسة ثقافة التميّز وإنعكاسها كخدمات نوعية على المواطن، وهذه الثقافة هي السبيل الأوحد للخروج من عنق الزجاجة في الترهل الوظيفي لغايات النهوض بالأداء صوب التميز والإبداع وخلق ثورة بيضاء للقضاء على مشاكل وهموم وتحديات القطاع العام، بل والسعي لخلق فعالية الإنتاجية لدى موظف القطاع العام من خلال حُبّه وتمسّكه بالوظيفة فعلياً لا شكلياً، وخلق البيئة المناسبة لزيادة إهتماهه بالمراجعين ومتلقي الخدمة والإبتسامة في وجوههم على الأقل، ولتكون ثقافة التميّز والسعي إليها سلوكاً يومياً لا تجمّلاً. وبالطبع لن يتم ذلك إلّا من خلال خلق نظامين تشريعيين يُطبّقا بشفافية على أرض الواقع: النظام الأول للمساءلة والآخر للحوافز التشجيعية ومكآفأة الإبداع والتميّز الوظيفي. وما تأكيد جلالة الملك على أن يكون مركز الملك عبدالله الثاني للتميز كمرجعية لمراقبة الأداء والمساءلة إلا دليل على ضرورة أن تقوم الحكومة على مأسسة ثقافة التميز في الإدارة الحكومية وجعل هذين النظامين حقيقة واقعة ليصار لمحاسبة كل المقصرين في أداء واجبهم ومكآفأت المخلصين في عملهم.


وختاماً إن الأردن المستقل بإرادته الحرة وفهمه لواقع العالم الحالي المليء بالتناقضات، وكذلك تعميقه للأعراف الديمقراطية والعلمية والحضارية بين أفراد الشعب الأردني، والتركيز على كرامة المواطن الوعي والعارف والمدرك والمطلع، هذه الأمور مجتمعة قيّضت له سلوكاً متوازناً مرحباً به إقليميا ودولياً، وهذا هو الاستقلال، وهذه هي الإرادة الوطنية.
هذا غيض من فيض تطلعات وانجازات جلالته وانجازات الوطن الأشم النموذج وحكومات جلالة الملك المتعاقبة، استذكرتها في هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوب الأردنيين وشرفاء العالم فكل عام وجلالته والوطن والشعب الأردني بألف خير. عاش الأردن وعاش جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين المعظم

 
شريط الأخبار الأمن يعلن عن اغلاقات وتحويلات مرورية في عمان الجمعة - أسماء عشرة صواريخ باليستية تهز تل أبيب وإصابة مستوطنين صافرات الإنذار تدوي واصابات في تل أبيب بعد رشقة صاروخية من حزب الله (فيديو) "رفعة الأداء والشفافية" تضع البنك المركزي على منصة التكريم الملكي وشركس يتسلم الجائزة اختتام ملتقى مستقبل الاعلام والاتصال بنسخته الثانية ( صور) ضبط مطلق النار داخل مصنع في العقبة .. توضيح أمني دائما الغذاء والدواء بالمرتبة الأولى.. "برافو " نزار مهيدات .. فيديو الجيش الإسرائيلي يتحدث عن معارك بظروف صعبة وحزب الله يقصف تجمعاته الجيش اللبناني يوضح: لم ننسحب من جنوب لبنان وائل جسار وسيرين عبد النور بالأردن والتذكرة تصل إلى 400 دينار وفيات الثلاثاء 1-10-2024 الزرقاء تفقد أحد رجالاتها .. النائب الاسبق (محمد طه ارسلان) في ذمة الله ترقب لحكم الاستئناف بحق نائب متهم بالرشوة بعد التاج الاخباري .. رجل الأعمال طارق الحسن يخسر قضيته أمام “صوت عمان” في قضية وثيقة مصرف الشمال مقتل نجل منير المقدح قائد كتائب شهداء الأقصى بغارة إسرائيلية على مخيم عين الحلوة بلبنان( فيديو) استهداف قاعدة فكتوريا العسكرية في مطار بغداد بالصواريخ هطول مطري شمالي ووسط المملكة اليوم.. والأرصاد تحذر من خطر الانزلاق انفجارات دمشق... اغتيال إسرائيلي يطال صحافية ويوقع شهداء وجرحى «المركزي»: تعليمات خاصة لتعزيز إدارة مخاطر السيولة لدى البنوك فرنسا ترسل سفينة عسكرية إلى سواحل لبنان احترازيا في حال اضطرت لإجلاء رعاياها