التردد الأميركي في الشرق الأوسط

التردد الأميركي في الشرق الأوسط
أخبار البلد -  

لم تعد منطقة الشرق الأوسط أولوية حيوية للولايات المتحدة الأمريكية، فقد أصبحت منطقة آسيا ــ الهادي محور الاستراتيجية الأمريكية منذ ولاية الرئيس أوباما، الأمر الذي بدا واضحا عبر بوابة الثورة السورية، فالانكفاء الأمريكي أفسح المجال واسعا لتدخل قوى إقليمية ودولية كإيران و روسيا، إلا أن التحولات العميقة التي تعصف بالمنطقة منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش على الموصل في 10 حزيران/ يونيو 2014، وتمدده في سوريا وانتشاره في دول شرق أوسطية عديدة، أدخلت أمريكا مسارات من التردد والارتباك.

السياسة المترددة لأمريكا في المنطقة بدت واضحة منذ تشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية ــ داعش في أيلول/ سبتمبر 2014، حيث تبنت استراتيجية تنطوي على هشاشة بنيوية عميقة، وقصور عملياتي ظاهر، فبعد مرور أكثر من عام ونصف على بدء هجمات التحالف الدولي الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لا يزال التنظيم متماسكا وقويا، فالضربات الجوية وحدها لم تحقق أهدافا استراتيجية ميدانية كبرى، واقتصرت انجازات التحالف على محاولة صد التنظيم واحتوائه، فالاستراتيجية الأمريكية تستند إلى الضربات الجوية، وتعتمد على قوى حليفة في العراق كقوات البيشمركة الكردية، والقوات العراقية، وفي سوريا لا تتمتع قوات التحالف الجوية بإسناد حقيقي على الأرض باستثناء قوات سوريا الديمقراطية ومكونها الكردي بصورة رئيسية، إضافة لبعض قوات المعارضة السورية من فصائل الجيش الحر.
على الرغم من شن تنظيم الدولة الإسلامية هجمات مروعة في عواصم غربية كباريس وبروكسل، واستهداف الولايات المتحدة من خلال هجمات «الذئاب المنفردة»، إلا أن أمريكا أكدت على عدم إرسال قوات برية إلى المنطقة، وأصرت على تخصيص أكبر قدر من مواردها السياسية والاقتصادية والعسكرية نحو آسيا ــ المحيط الهادي لمحاصرة القوة المستقبلية للصين، ومن ورائها روسيا، وبهذا فإن الأولويات الاستراتيجية لأمريكا قد تبدلت، حيث دعمت الولايات المتحدة منذ تدخلها في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية النظم الاستبدادية تفضيلا للاستقرار على الديمقراطية، حيث أصبح الاستقرار استراتيجية أمريكية معتمدة كما حدد معالمها المنظر السياسي الأمريكي صموئيل هنتنغتون في كتابه الكلاسيكي الشهير «النظام السياسي في مجتمعات متغيرة» الصادر عام 1968، والذي قرر فيه أهمية الاستقرار السياسي في دول العالم الثالث لتأمين المصالح الإمبريالية الأمريكية، بالاعتماد على الأنظمة الدكتاتورية التي تستند إلى قوة الجيش والأمن كركيزة أساسية في حفظ الاستقرار، وباعتبار الديموقراطية غير صالحة لشعوب المنطقة لأسباب ثقافية ودينية وتجلب معها عدم الاستقرار.
مع قرب موعد انتهاء حقبة ولايتي الرئيس الأمريكي باراك أوباما، سوف تتذكر شعوب المنطقة فشل السياسات الخارجية الأمريكية وترددها وارتباكها، لكن ذلك لم يكن سوى نتيجة مؤكدة لسياسات أوباما الخارجية التي تبنت منذ وصوله للبيت الأبيض منظورا استراتيجيا يقوم على مفهوم «إعادة التوازن الاستراتيجي» من خلال التحول نحو آسيا ــ المحيط الهادي، والتي استندت إلى إعادة النظر في تحديد أولويات أمريكا بنقل الثقل الاستراتيجي نحو المناطق الأكثر نموا ووضع صراعات الشرق الأوسط في مرتبة متأخرة.
لقد حافظت الولايات المتحدة لمدة طويلة على زعامتها في منطقة آسيا ــ المحيط الهادي، ومنذ قدوم الرئيس أوباما شدد على أن الولايات المتحدة تنوي بكل إصرار مواصلة دورها القيادي في هذا الطرف من العالم، حيث أعلن في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 عن «تحول» سياستها الخارجية إلى التركيز على آسيا، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلنتون قد صرحت بالقول: «مثلما كان القرن العشرون هو قرن المحيط الأطلسي، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن المحيط الهادي، بالنسبة للولايات المتحدة»، وقد عبرت السياسات الخارجية الأمريكية عن تحول استراتيجي أميركي واضح باتجاه آسيا والشرق الأدنى من خلال شراكات أميركية آسيوية جديدة، الأمر الذي أثار قلقا بالغا حول نتائج هذا التحول على منطقة الشرق الأوسط عموما والخليج العربي خصوصا.
على الرغم من معرفة وإدراك دول العالم العربي بهذا التحول الاستراتيجي، إلا أنها تصرفت دون مبادرة تذكر، بينما استثمرت بعض دول الشرق الأوسط هذا التحول الكبير بالانكفاء، حيث قامت إيران بالاسراع بانجاز اتفاق نووي مع أمريكا والغرب، وأخذت بالتمدد في المنطقة، أما الولايات المتحدة فقد تعاملت مع سائر قضايا المنطقة بالحد الأدنى، باستثناء تحقيق الاتفاق النووي مع إيران، وهو الأمر نُظر إليه من جميع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين وخصوصا دول الخليج وإسرائيل باعتباره كارثة أسوأ من إعادة التوازن الآسيوي ببروز قوة إقليمية معادية.
التحول الأمريكي نحو آسيا ــ المحيط الهادي، يقوم على محاصرة القوة الأكثر نموا في العالم ممثلة بالصين، وينسحب تدريجيا من الشرق الأوسط، وقد أكدت أمريكا على جوهرية التحول الاستراتيجي الأمريكي في وثائق استراتيجية عديدة، ففي وثيقة «استراتيجيّة الأمن القومي» الأميركية التي صدرت في شباط/ فبراير 2015 وتوجّهاتها السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، بيان واضح عن الانكفاء عن الشرق الأوسط والتركيز على أسيا، وهي الوثيقة الثانية خلال ولايتي أوباما، حيث صدرت الأولى عام 2010، وهي تستخدم مصطلحي «إعادة توازن» و»تركيز» على منطقة شرق آسيا ــ المحيط الهادي، ويقتصر حضور الشرق الأوسط على «الإرهاب» و»النفط والأمن والاستقرار»، لكنها حدّدت الأولويات الخارجيّة الأمريكية أولا بالدفع نحو إعادة التوازن في آسيا ــ الهادي إلى الأمام، ثم التأكيد على العلاقات مع أوروبا وحلف الناتو.
خلاصة القول أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي بدا واضحا عبر بوابة الثورة السورية، فالانكفاء الأمريكي أفسح المجال واسعا للتدخل للاعبين أساسيين كروسيا وإيران، وهو أمر أدركته هذه القوى جيدا، بينما تردد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وأحجموا عن التدخل بانتظار قرارات أمريكية لن تأتي، وإذا كانت الولايات المتحدة قد حددت أولوياتها في المنطقة بحرب الإرهاب العابر لحدودها، وتأمين الاستقرار فلن يعدو تدخلها في المنطقة عن دعم أي قوة قادرة على المشاركة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية ــ داعش.


 

 
 
 
 
شريط الأخبار اسرار لم تنشر عن حادثة مصنع العقبة التي شغلت الرأي العام حزب الله ينفي التوغل الإسرائيلي بلبنان الملك يؤكد ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى تهدئة شاملة في المنطقة بورصة عمان تغلق تداولاتها لجلسة اليوم الثلاثاء بنسبة انخفاض 0.1% المومني: توجيهات رئيس الوزراء بضرورة الانفتاح على وسائل الإعلام وتعزيز انسيابية تدفق المعلومات وحدة تنسيق القبول الموحد تعلن عن بدء تقديم الطلبات الإلكترونية لطلبة إساءة الاختيار والطلبة الراغبين بالانتقال الأمن يعلن عن اغلاقات وتحويلات مرورية في عمان الجمعة - أسماء عشرة صواريخ باليستية تهز تل أبيب وإصابة مستوطنين صافرات الإنذار تدوي واصابات في تل أبيب بعد رشقة صاروخية من حزب الله (فيديو) "رفعة الأداء والشفافية" تضع البنك المركزي على منصة التكريم الملكي وشركس يتسلم الجائزة اختتام ملتقى مستقبل الاعلام والاتصال بنسخته الثانية ( صور) ضبط مطلق النار داخل مصنع في العقبة .. توضيح أمني دائما الغذاء والدواء بالمرتبة الأولى.. "برافو " نزار مهيدات .. فيديو الجيش الإسرائيلي يتحدث عن معارك بظروف صعبة وحزب الله يقصف تجمعاته الجيش اللبناني يوضح: لم ننسحب من جنوب لبنان وائل جسار وسيرين عبد النور بالأردن والتذكرة تصل إلى 400 دينار وفيات الثلاثاء 1-10-2024 الزرقاء تفقد أحد رجالاتها .. النائب الاسبق (محمد طه ارسلان) في ذمة الله ترقب لحكم الاستئناف بحق نائب متهم بالرشوة بعد التاج الاخباري .. رجل الأعمال طارق الحسن يخسر قضيته أمام “صوت عمان” في قضية وثيقة مصرف الشمال