وقال وزير تطوير القطاع العام الدكتور خليف الخوالدة، ان الوزارة أطلقت منتدى القيادات الحكومية في العام 2013 بهدف تبادل المعرفة والخبرات فيما بين قيادات الجهاز التنفيذي الحكومي من الأمناء العامين للوزارات والمدراء العامين والتنفيذيين للمؤسسات والدوائر الحكومية ومفوضي الهيئات واطلاعهم على أحدث التطورات والمعارف في مجال الإدارة العامة وأفضل الممارسات في مجال العمل العام.
وأوضح الخوالدة أن الحكومة تدرك أهمية إصلاح وتطوير الإدارة العامة لأنها أصبحت متطلباً رئيساً لنجاح التنمية المستدامة والشاملة في ضوء تقلبات المنطقة والتحديات التي تواجه الإدارات الحكومية والتي تتطلب دوراً أكثر مرونة.
وبيّن أنّ الأردن وعلى الرغم من كافة التحديات استطاع التقدم بثقة نحو إدارة عامة فعّالة من خلال خطة إصلاح شاملة تضمنت إطلاق برنامج تطوير الأداء الحكومي في نهاية عام 2013.
وأضاف، إن البرنامج قدَّم خريطة طريق وإطارا زمنيا شاملا لثلاث سنوات (2014- 2016) واستند إلى ست ركائز رئيسة لتطوير الإدارة العامة تمثلت في تطوير الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات، وتنمية الموارد البشرية، والحوكمة الرشيدة، ودعم السياسات وعملية صنع القرار، وتعزيز ثقافة التميز، بالإضافة إلى الاتصال والتواصل مع الجهات المهتمة بالبرنامج.
وأعرب الخوالدة عن شكره لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لدعمهم وتعاونهم وسعيهم لبناء الشراكات ودعم هياكل الإدارة المحلية لتوفير الخدمات النوعية، كما توجّه بالشكر لمدير المركز العالمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتميز الخدمة العامة في سنغافورة ماكس فيليبس على مشاركته بهذا اللقاء.
بدوره أكد فيليبس الدور الحيوي الذي تلعبه الخدمة العامة في التعامل مع التحديات التنموية تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة. واعتبر فيليبس الذي قدَّم عرضاً حول تطوير الإدارة العامة بعنوان «المحركات والنظرة المستقبلية» أنّ التحديات التي تواجه الخدمات العامة ليست قضية تقنية إنما سياسية يتم معالجتها من قبل القيادات الحكومية التي بدورها تُحدد مدى فعالية التطبيق الحقيقي لسياسة الخدمات العامة، إضافةً إلى الدور الذي يلعبه إدراك القيادات لإدارة الخدمات العامة من خلال توفير إستراتيجية ذات إطار زمني محدد تُعنى بالتخطيط الحقيقي لأولويات عملية الإصلاح . وأشار فيليبس إلى أبرز التحديات التي تواجه عمل مؤسسات القطاع العام في دول العالم والمتعلقة بما تقدمه الحكومات لبناء معارف ومهارات موظفيها، ومدى ثقة المواطنين بالخدمات الحكومية والتي تعتمد بشكل رئيس على نوعية وفاعلية تلك الخدمات، ومدى جدية القائمين على الاصلاح باستخدام الحلول التكنوقراطية للفاعلية أم أن هنالك حلولا وطرقا أخرى، ومدى رغبتهم بتحقيق إصلاح فوري ومفاجئ بينما هناك خيارات أخرى قد تكون أكثر نجاحا.
كما تطرَّق إلى أبرز تحديات وأولويات الحوكمة الرشيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخدمات الحكومية الكفؤة في ظل الظروف العالمية المتغيرة.
واستعرض فيليبس عدداً من الأمثلة والتجارب العالمية من خلال المقارنة بينها، وركَّز على تجربة سنغافورة الناجحة في مجال الخدمة العامة، إضافة إلى عرضه لمجموعة من قصص النجاح في الأردن والتي كان من أبرزها تعزيز النزاهة في الإدارة العامة، والحكومة الإلكترونية، وتحسين إدارة المالية العامة، والتميُّز في مجال التعليم.
كما قدم توجيهات مستقبلية عامة تتعلق بتحقيق أهداف إستراتيجية التنمية المستدامة لعام 2030 المتمثلة في تعزيز الثقة والدافعية في مجال الخدمات العامة، وتطوير الوظائف وزيادة القدرات لتنفيذ أهداف الإستراتيجية.
وسلَّط الخبير ماكس الضوء على ترتيب الأردن على مؤشر مدركات الفساد ومؤشر الحرية الاقتصادية وأوضح أن الاقتصاد الأردني يعد من بين أكثر الاقتصادات المنفتحة في الشرق الأوسط من حيث المردود السياحي وحوالات المغتربين والاستثمار الأجنبي المباشر والمنح. كما سلط الضوء على البطالة ومعدلاتها المرتفعة بالرغم من الاصلاحات التنظيمية في القطاع الخاص مشيرا إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الإدارة العامة في الأردن اليوم تتمثل في تزايد أعداد اللاجئين للأردن والطلب المتزايد للحصول على خدمات حكومية بشكل عادل وفعال.
وأكد أن الأردن يعتبر دولة رائدة في مجال اصلاحات الحوكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وأنَّ لها إنجازات كبيرة في مجال النزاهة مشيراً إلى تشكيل اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية بنهاية عام 2012 واعدادها لميثاق النزاهة الوطنية والخطة التنفيذية للميثاق نهاية عام 2013.
وأشار إلى تشكيل لجنة ملكية لمتابعة العمل وتقييم الإنجاز والتي تقوم بمتابعة وتقييم تنفيذ الخطة التنفيذية لتعزيزمنظومة النزاهة الوطنية وتشكيل لجنة توجيهية عليا لمتابعة مشاريع الخطة التنفيذية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية التيتقع مسؤولية تنفيذها على الحكومة والتي تقوم بمتابعة تقدمسير العمل في مشاريع الخطة وتزويد اللجنة الملكية لتقييم العمل ومتابعة الإنجاز بتقرير عن تقدم سير العمل.
وتحدث عن الجهود المبذولة منذ استقلال الأردن لتحسين حياة الأردنيين مشيراً إلى أن أرقام الأمم المتحدة تُظهر أنَّ 99 % من السكان يمكنهم الحصول على الماء وخدمات الصرف الصحي والكهرباء، وأن 97 % منهم يمكنهم القراءة والكتابة.. كما لفت الى أنَّ إحصاءات اليونيسيف أظهرت أنه في الفترة الواقعة ما بين (1981-1991) حقق الأردن أسرع انخفاض في معدل وفيات حديثي الولادة سنويا. وفي معرض تحليل الخبير ماكس للأسباب التي من شأنها إفشال اصلاح الإدارة العامة في الدول بيَّن أن أهم هذه الأسباب يبدأ عندما يتم تجاهل مدى تعقيد النظام وتضارب مصالح المساهمين بالإضافة إلى الامور السياسية إلى جانب عدم التوافق على خطة موحدة وبالتالي تفشل عملية الاصلاح لا سيما مع غياب النموذج النظري المهم لإرشاد عملية الاصلاح.
ونوه إلى أنَّ العديد من الاصلاحات في مختلف الدول لم تعالج النقص المستمر في المهارات الاساسية والقدرات وانعدام الثقة بين الموظفين الحكوميين في معظم الدوائر وعدم الرغبة في التعلم من الاخطاء، مشيراً إلى أن سلوك المسؤولين هو المهم وليس السياسات التي يطبقونها لبناء الثقة.
ودار عقب اللقاء حوار شامل بين القيادات الحكومية والخبير السنغافوري حول أحدث طرق الادراة العامة والاستفادة من تجربة بلاده لغايات تطبيق الممكن منها محليا.
وكان رئيس الوزراء التقى على هامش اعمال المنتدى مدير مركز برنامج الأمم المتحدة الانمائي العالمي لتميز الخدمة العامة في سنغافورة ماكس فيليبس بحضور وزير تطوير القطاع العام الدكتور خليف الخوالدة والمدير القطري لبرنامج الامم المتحدة الانمائي زينا علي.
واكد رئيس الوزراء تطلع الاردن الى الاستفادة من تجربة وخبرة المركز والتجربة السنغافورية المتميزة في مجال القطاع العام والخدمة العامة.
وأطلع رئيس الوزراء, الخبير الدولي, على خطط وبرامج الاردن في مجال تنمية وتطوير القوى البشرية، لافتا الى ان الاردن وبفضل قيادته الحكيمة واستشرافها للمستقبل ركزت منذ بدايات تأسيس الدولة على التعليم .
واشار بهذا الصدد الى ان الكفاءات الاردنية أسهمت خلال العقود الخمسة والستة الماضية في بناء العديد من دول الخليج العربي وحتى بعض دول المغرب العربي وتحديدا ليبيا.
ولفت الى ان الامية كانت مع بدايات تأسيس المملكة عالية جدا وهي الآن بحدود 6 بالمائة، وربما هي الاقل بين الدول العربية والاسلامية .
وقال، ان حجم القطاع العام في الاردن كبير جدا ويعد الاكبر في العالم مقارنة بعدد السكان، مشيرا الى العدد الكبير للجامعات في الاردن والتي تخرج مئات الآلاف من الطلبة سنويا غالبيهم من الاناث . وعرض النسور للظروف الاقليمية المحيطة بالأردن وتداعياتها على الاردن، لافتا الى ان استقبال الاردن لعدد كبير جدا من اللاجئين نتيجة بضع موجات من اللجوء من فلسطين والعراق وغيرها واخرها من سوريا سبب ضغطا كبيرا على البنى والخدمات وتأثيرات اقتصادية واجتماعية وامنية .
واكد ان الاردن بلد واعد ويمتاز بقيادة حكيمة مستنيرة وشعب واع مثقف، لافتا الى ان هذين العنصرين جنبا الاردن الويلات التي تمر بها العديد من دول المنطقة.
من جهته ابدى الخبير الدولي استعداد برنامج الامم المتحدة الانمائي والمركز للتعاون مع الاردن في مجالات تطوير الخدمة العامة، مشيدا بالأمن والاستقرار اللذين يتمتع بهما الاردن .