ما الذي حققته الزيارة الملكية
السامية الى جمهورية الصين الشعبية ؟ وما هي ابرز النتائج ؟ وما الجديد في
هذه الزيارة والمختلف عن الزيارة الملكية السامية عام 2013 ؟ ...
تساؤلات لا بد من طرحها في قراءة شمولية تضع النقاط على الحروف
لزيارة تعد من اهم الزيارات الملكية السامية شكلا ومضمونا .
اما من حيث « الشكل « فان الاحتفاء المتميز والخاص بجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ، وما يحظى به جلالته من احترام وتقدير من قبل القيادة الصينية ممثلة بالرئيس الصيني شي جينبينغ والذي استقبله بحفاوة بالغة منذ العام 2013 وحرص على تشريفه افتتاح معرض الصين والدول العربية الاول عام 2013 ، ثم ليتم اختيار الاردن بعد ذلك لتكون ضيف شرف الدورة الثانية للمعرض هذا العام 2015 ليرد جلالته على هذا التكريم بوعد نفذه بان يحضر شخصيا للمشاركة في هذا المعرض ، وبوفد اردني رفيع ومتعدد الاختصاصات أثرى المشاركة الاردنية ، وترك نتائج ملموسة لها على ارض الواقع .
اما من حيث المضمون فقد جاءت الزيارة تتويجا لجهود دؤوبة بذلها جلالة الملك من اجل تحقيق نتائج ملموسة لاتفاقيات بعضها تم الاعلان عنها منذ عام 2013 ، واخرى تم الحديث عنها خلال مؤتمر دافوس البحر الميت مايو / ايار الماضي لتسفر الزيارة عن اتفاقيات ومذكرات تفاهم زادت على نحو 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بلغت قيمتها الاجمالية نحو 7 مليارات دولار امريكي .
هذا الانجاز الكبير الذي تحقق يدلل على مدى نجاح الزيارة ، والتي تشير ايضا الى حصافة القيادة حين التقطت الاشارة لاغتنام فرصة سانحة صنعتها القيادة الصينية بقيادة الرئيس شي جينبينغ والذي اعلن ومنذ توليه القيادة ايضا عن خطة طموحة للنهوض ببلاده للسنوات العشر المقبلة ، ومن ابرز محاورها النهوض بالاقتصاد الصيني والاعلان عن مشاريع داخلية بالمليارات من اجل تحسين معيشة المواطن الصيني ، وضرورة ان يلمس التطور والنمو الهائل الذي تشهده البلاد معلنا منذ ذلك الوقت عن مشاريع اسكانية ضخمة واخرى للبنى التحتية .. وغيرها من المشاريع الكبرى .
وكان من الرؤى الجديدة التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ اعادة احياء « الحزام الاقتصادي لطريق الحرير « و» طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين « ، هذا الطريق الذي كان يربط المشرق بالمغرب وبالشمال والجنوب وكل دول العالم وتحديدا طريق الحرير الذي يربط شمال افريقيا مرورا بمنطقة الشرق الاوسط والذي تلعب فيه الاردن نقطة ارتكاز اساسية زادت من اهمية اعادة احياء الطريق والبناء على تاريخ العلاقة الاردنية الصينية ، فكان من اهم الاتفاقيات والتي وقعها جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الصيني شي جينبيتغ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين ، والتي رفعت مستوى العلاقة بين الاردن والصين ، المتوافقين اصلا على كثير من قضايا المنطقة والعالم وفي مقدمة القضايا القضية المركزية والصراع العربي الفلسطيني الاسرائيلي والسلام في الشرق الاوسط ، والعمل المشترك على مكافحة الارهاب الذي بات يهدد امن الشرق الاوسط والعالم .
الزيارة الملكية السامية جسدت الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، والعمل سوية من اجل جذب مزيد من الاستثمارات ، وقد تمثل ذلك من خلال توقيع الاتفاقيات التي كان للقطاع الخاص دور كبير فيها ، بل ودور اساس وكبير في توقيع الاتفاقيات الاكبر حجما وفي مقدمتها اتفاقية توليد الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي ( مشروع العطارات ) وهو استثمار يزيد على 2.2 مليار دولار اعلن عنه عام 2013 خلال الزيارة الملكية السامية للصين حينها ولكن التوقيع هذه المرة على بدء الخطوات التنفيذية في المشروع والذي ستبدأ مرحلته الاولى مع نهاية العام الحالي وبتمويل من قبل ثلاثة بنوك صينية وبمبلغ يصل نحو المليار دولار امريكي .
اضافة الى اتفاقية انشاء منطقة تنموية في العقبة
الاقتصادية الخاصة ، واتفاقية السكك الحديدية ، وغيرها من
الاتفاقيات والتي كان للقطاع العام فيها ايضا دور كبير من
خلال اتفاقيات متعددة في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة
والاتصالات وتكنلوجيا المعلومات ( الاتفاقية مع شركة هواوي ) ،
والتعليم والتعليم العالي من خلال انشاء الجامعة الصينية
الاردنية والتي تعد الاولى في المنطقة ، انطلاقا من معرفة
الصينيين الاكيدة لما تمتاز به الاردن كنقطة جذب للطلاب العرب في مجال
التعليم الجامعي .
المشاركة الاردنية كضيف شرف في هذه الدورة 2015 استطاعت ايصال رسائل عديدة منها :
1- تميز العلاقات الصينية الاردنية المشتركة على اعلى المستويات وبادارة وتوجيهات واضحة وجلية من قيادتي البلدين ، بل والانطلاق بها لآفاق ابعد .
2- البدء الحقيقي لتنفيذ رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني في جذب الاستثمارات ورؤية 2025 ورؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ في اعادة احياء « حزام طريق الحرير « من خلال توقيع اتفاقيات بنحو 7 مليارات دولار .
3- عكست المشاركة الاردنية اضافة الى الجذب الاستثماري الوجه
الحضاري والثقافي من خلال مشاركة ثقافية في المعرض بسهرتين ثقافيتين
الاولى على المسرح الرئيس في مدينة نينغشيا في حفلة اردنية صينية
مشتركة بحضور رفيع المستوى تقدمته رئيسة الوفد الاردني المشارك وزيرة
الصناعة والتجارة والتموين م. مها علي وكبار المسؤولين الصينيين ، وحفلة
اخرى في الساحة الرئيسية لمدينة ييننشوان حاضرة منطقة
نينغشيا بحضور جماهيري صيني كبير تفاعل باعجاب مع عروض
موسيقى القوات المسلحة الاردنية وفرقة الرمثا ومواهب اردنية متميزة .
4- لم تقتصر المشاركة الاردنية على الجوانب الاستثمارية المباشرة بل كانت هناك اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع القطاع السياحي ، و القطاع الزراعي ، وعلى مستوى القطاع الصناعي ودراسة جادة نحو امكانية اقامة مصانع لتجميع السيارات الصينية في الاردن ، اضافة الى لقاء مهم للجامعات الصينية والعربية وكانت هناك مشاركة لجامعات اردنية في اللقاء الذي تصدره الحديث عن مشروع الجامعة الصينية الاردنية ، اضافة الى الحضور الشبابي الاردني من خلال حضور ومشاركة نخبة من « فرسان التغيير» حرص جلالة الملك عبد الله الثاني على اصطحابهم وحضورهم هذا الحدث الهام .
5- المشاركة الاردنية حظيت بتغطية اعلامية صينية واردنية وعربية
واسعة ومتميزة ، وتم طباعة وتوزيع العديد من المطبوعات والبروشورات من
قبل الجانبين الصيني والاردني خلال المعرض الصيني العربي الذي
اقيم خلال الفترة من 10- 13 /9/2015 اضافة الى كافة المنتديات والمؤتمرات والحفلات
التي اقيمت على هامش المعرض الصيني العربي ، واللقاءات
الاعلامية التي اجريت مع مسؤولين اردنيين في الوفد الاردني سواء
الرسمي او القطاع الخاص والذي كان فيه حضور كبير لغرف التجارة والصناعة ورجال
الاعمال .
6- المشاركة الاردنية كانت هي الاكبر خارجيا من حيث مشاركة
القطاعين العام والخاص ، وقد كان الحدث يستحق ذلك في بلد بحجم الصين ثاني
اكبر اقتصاد في العالم وفي معرض الاردن ضيف شرف فيه .
7- المشاركة الاردنية شكلت دعما وتقاربا مع الشعب الصيني عموما وشعب منطقة نينغشيا وعاصمتها نينشوان خصوصا وان نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة والتي يشكل المسلمون فيها نحو 36% من السكان البالغ عددهم نحو 6. 6 مليون نسمة وهم يحتفلون في كل دورة بالقادم الجديد من الدول العربية وتشكل المشاركة العربية فرصة للمعرفة اكثر عن تلك الدول العربية ، اضافة الى ان الحكومة المركزية الصينية تدعم هذه الخصوصية لمقاطعة نينغشيا وتعول عليها في رؤية « حزام طرق الحرير « وتدعم تقاربها مع العالمين العربي والاسلامي لما يحقق مزيدا من الاستثمارات لهذه المقاطعة الصينية وللدول العربية عموما .
7- المشاركة الاردنية شكلت دعما وتقاربا مع الشعب الصيني عموما وشعب منطقة نينغشيا وعاصمتها نينشوان خصوصا وان نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة والتي يشكل المسلمون فيها نحو 36% من السكان البالغ عددهم نحو 6. 6 مليون نسمة وهم يحتفلون في كل دورة بالقادم الجديد من الدول العربية وتشكل المشاركة العربية فرصة للمعرفة اكثر عن تلك الدول العربية ، اضافة الى ان الحكومة المركزية الصينية تدعم هذه الخصوصية لمقاطعة نينغشيا وتعول عليها في رؤية « حزام طرق الحرير « وتدعم تقاربها مع العالمين العربي والاسلامي لما يحقق مزيدا من الاستثمارات لهذه المقاطعة الصينية وللدول العربية عموما .
8- المشاركة الاردنية حظيت باهتمام عل صعيد القطاع الخاص الصيني وتم بالفعل توقيع اتفاقيات جانبية لم يكن مخطط لها ومن ذلك اتفاقيات على صعيد القطاع الزراعي بين مستثمرين صينيين واردنيين ، خاصة وان القطاع الخاص الصيني يبحث عن مشاريع مجدية ذلك ان لديه فرص دعم مهمة من الحكومة الصينية والتي رصدت من خلال « صندوق دعم طريق الحرير « نحو 40 مليار دولار امريكي ، ووضعت حوافز وضمانات للدخول في مشاريع صينية مع دول « طريق الحرير « يتم التامين على هذه المشاريع من قبل واحدة من اكبر شركات التامين الصينية بل والعالمية براس مال يصل نحو 400 مليار دولار امريكي
- بقي ان نقول بان الجهود التي بذلت من قبل الديوان الملكي
العامر لترتيبات هذه الزيارة الملكية السامية ومن قبل الحكومة ممثلة
بوزارة الصناعة والتجارة والتي كان لمشاركة الوزيرة م. مها علي اثرا
طيبا في نفوس المسؤولين الصينيين سواء بالكلمة التي القتها في حفل
افتتاح المعرض بحضور جلالة الملك عبد الله الثاني او بمشاركتها
في توقيع العدد الاكبر من الاتفاقيات خلال الحفل .. وكذلك للجهود التي
بذلت من قبل مؤسسة الاستثمار بكافة كوادرها وبرئاسة د.
منتصر العقلة دور كبير في انجاح المشاركة وتميزها ، اضافة
لجهود السفارة الاردنية في بكين والسفير الاردني يحيى
القرالة والدور الاستثماري الذي قامت به السفارة من خلال تنظيمها
لمؤتمر اقتصادي استثماري في بكين بحضور ما يزيد على 150 شركة
صينية وجمع كبير من رجال الاعمال الاردنيين ، اضافة لجهود وحضور
الغرف التجارية والصناعية الاردنية وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية
الخاصة ومنطقة البترا والمناطق الحرة والتنموية وجميع المشاركين من
جهات حكومية في قطاعات الطاقة والزراعة والسياحة وشركات الادوية
ومنتجات البحر الميت والمستشفيات الخاصة ونقابة المهندسين و صناعات
غذائية وغيرها وشركات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني (
مشاركة منتدى مؤتة للثقافة وجمعية صناع الحرف التقليدية )
وغيرها ، اضافة الى حضور مميز للقوات المسلحة الاردنية ( من خلال توقيع اتفاقية
تعاون ) او مشاركة في المعرض ( كادبي ) او مشاركة ثقافية ( فرقة
موسيقات القوات المسلحة وفرقة الرمثا ) ، وكذلك المشاركة الاعلامية الرسمية
والخاصة للمقروء والمسموع والمرئي .
- كذلك فقد كان لافتا حرص جلالة الملك الدائم على اصطحاب عدد من ابنائه الشباب « فرسان التغيير « للمشاركة في الفعاليات العالمية حيث شارك عدد منهم في هذه الزيارة وتشرفوا بلقاء جلالته ورئيسة منطقة نينغشيا ليو هوي التي ابدت اعجابها بهذه المبادرة وبالمشاركة الشبابية .
- خلاصة الخلاصة ان هذه الزيارة التاريخية حققت الكثير الكثير الامر الذي يضاعف من ضرورة تشكيل فرق متابعة لما بعد الزيارة وتوقيع الاحرف الاولى من اتفاقيات ومذكرات تفاهم ، مع مزيد من التنسيق وتحويل الاتفاقيات الى واقع ملموس وفق ما هو مخطط في هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي - كما يبدو - هذه المرة ستبدأ آثارها قريبا جدا