أخبار البلد- محمد علاونة
من الصعوبة بمكان التشكيك بنوايا قرارات مجلس الوزراء وغالبا ما تكون حسنة إذا ما تعلق الأمر بحزم محفزة لنشاطات اقتصادية بغض النظر عن القطاعات المرتبطة بها، وحتى لو كانت في النهاية ستفقد الخزينة بعضا من السيولة ففي نهاية الأمر تسود المعادلة التي تقول «ضرائب ورسوم أقل عمل كثير وعوائد أكثر».
لكن ماذا لو كانت تلك القرارات نتيجة اجتهادات متسرعة أم لم يتم تطبيقها بحذافيرها واحيانا تبدو غير واضحة، تلك مفاجآت تنتظر كل من يرغب بالاستفادة، وهذا ما حصل فعلا مع إعفاء الشقق السكنية لغاية 150 مترا مربعا من رسوم التسجيل بدلا من 120 مترا حتى نهاية 2015.
في التفاصيل يتضمن القرار إعفاء أول 120 مترا مربعا من مساحة الشقة من الرسوم ومن 120 مترا إلى 150 تخضع بالنسبة التي حددها القانون، وإذا زادت المساحة عن 150 مترا تخضع بالكامل لرسوم التسجيل وتوابعها، وهنا يبرز السؤال عن عدم ذكر رسوم تسجيل عملية الشراء والبيع والبالغة نحو 4 في المئة بالنسبة للبائع و 5 في المئة للمشتري ومن قيمة العقار وهي القيمة التي تقررها دائرة الأراضي، ذلك يتناقض وقرار المجلس.
بمعنى أن من يرغب بتملك شقة قيمتها نحو 100 الف دينار عليه أن يدفع مبلغ 5 آلاف دينار كرسوم تسجيل، غالبا ما يتنصل البائع من تلك الرسوم ويفاجأ المشتري عند التسجيل بتلك الإضافات، بعد أن كان دفع مقدما أم مبلغا من المال متعارف عليه «عربون» لحجز العقار المذكور.
في موضوع الرسوم والضرائب تحديدا من الضرورة بمكان أن تكون البنود شفافة مع التأكيد على آلية واضحة لعمليات الشراء والبيع وقيم النسب ومن هم الملزمون بها، هذا إذا تم التسليم بأن تلك النسب خارج إطار الإعفاء الذي قرره مجلس الوزراء.
بعد ذلك بشهرين قررت الحكومة أخيرا اعفاء السيارات الكهربائية بالكامل من رسوم التسجيل المستحقة عليها لأول مرة، والتي تتراوح ما بين 8 إلى 9 آلاف دينار، بهدف واضح وهو تشجيع المواطنين على اقتناء السيارات الكهربائية لما توفره هذه السيارات من توفير بفاتورة الوقود والمحافظة على البيئة.
صحيح أن الحكومة أيضا كانت شفافة عندما ذكرت رسوم الترخيص السنوية لتلك السيارات والتي ستدفع لدائرة ترخيص المركبات والسواقين ونسبتها 16 في المئة من أصل 7.5 في المئة وهي نسبة الإعفاء الكامل، وبما يعادل نحو الف دينار تدفع كرسوم ترخيص سنوية وبدل خدمات على الطرق والبنى التحتية.
لكن القرار كان أسرع من نوايا الحكومة التي تدرك أن تلك المركبات تأتي ضمن الأكثر تقنية حول العالم، وتحتاج لبينة تحتية خاصة، بمعنى أن القرار اتخذ على عجل دون دراسة مستفيضة لإمكانية عمل تلك المركبات في بيئة مثل الأردن، التي تعاني أصلا من بنية تحتية متهالكة ووجود تلك المركبات يحتاج لمحطات تزود بالكهرباء كما هو الحال في الدول المتقدمة.
غير ذلك يأتي القرار والجدل السابق حول المركبات الهجينة «الهايبرد» لم ينته بعد، بعد قرارات متناقضة حول إعفائها من الرسوم كاملا ومن ثم الاستدراك وإعادة فرض بعض الرسوم بنسب معينة ما أربك السوق والمستهلكين.
كان الأجدى توضيح تلك القرارات بشكل مستفيض ومعرفة تبعاتها وارتداداتها، ففي موضوع الشقق شعرت الغالبية بالغبن، أما بالنسبة للمركبات فهي بمثل قفزات في الهواء، والكل يذكر القرار المهم المتعلق بتقديم التسهيلات لأبناء الأردنيات المتزوجات من جنسيات أخرى، ما دفع رئيس الوزراء عبد الله النسور أكثر من مرة في لقاءات عدة التذكير بأهمية تطبيقه رغم أنه قرار لمجلس يرأسه النسور نفسه.