أخبار البلد-
أكتب هذا المقال من بكين، العاصمة الصينية، وفيها تنعقد هذه الأيام الدورة الثانية والعشرون لمعرض بكين للكتاب، الذي بات اليوم ثالث أكبر معرض للكتاب في العالم بعد معرضي فرانكفورت ولندن، وذلك بمشاركة نحو ألفي دار نشر من مختلف دول العالم. وللعرب حصة وافرة في هذا المعرض، لأن الإمارات هي ضيف الشرف على المعرض، كما يشارك عدد من الناشرين العرب في أجنحته ضمن وفد اتحاد الناشرين العرب. ومن بين الناشرين العرب المشاركين، ثلاثة أردنيين؛ هم دار زهران التي يديرها رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين الأسبق عدنان زهران، ودار الورّاق التي يديرها رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين السابق حسن صالح، ودار المنهل التي يديرها الناشر خالد أمين. ولا تبدو المشاركة العربية في المعرض سهلة من جهة بيع الكتاب مباشرة للجمهور، إذ يصعب بيع كتاب باللغة العربية للجمهور الصيني. لكن المتوقع أن تنشط دور النشر الأردنية والعربية في تبادل حقوق النشر مع المشاركين الصينيين والأجانب؛ إذ وضع المنظمون المشاركين غير الصينيين في بناية واحدة من بين بنايات المعرض الست، ما يتيح لهم إمكانية التحاور وتبادل الاتفاقات. سوى ذلك، يشارك الناشرون الأردنيون ونظراؤهم العرب، في مؤتمر حول التبادل الثقافي في مجال الكتاب، بين العرب والصين، يمكن أن يكون مثمراً، رغم أن المؤتمرات التي تقام في مثل هذه الأجواء يغلب عليها طابع المجاملات عادة. عشية المعرض، تسلمت جائزة "الكتاب المتميز" الصينية من نائبة رئيس الوزراء الصيني، ليو يان دونغ، إلى جانب زملائي الفائزين بها من دول مختلفة من العالم، منها أستراليا وفرنسا والولايات المتحدة وهولندا وسلوفاكيا ولاوس وكندا وهنغاريا وألمانيا وميانمار. إذ منحت لي الجائزة عن فئة الكتاب الشباب، تقديراً لكتابي "العرب ومستقبل الصين" الذي نشر بالعربية والصينية والإنجليزية، في دبي وعمّان وبكين ولندن. كما منحت جوائز لكتاب كبار جاوزوا السبعين من العمر، على مجمل إنتاجهم الأدبي في التأليف أو الترجمة. كان حفل توزيع الجائزة، الذي أقيم في قاعة الشعب الكبرى الواقعة في ميدان تيان آن مين، وسط العاصمة الصينية، وتعد أكبر وأهم القاعات في الصين، مناسبة جيدة للتعرف على كيفية تفكير قادة الدولة الصينية. قالت نائبة رئيس الوزراء في لقاء خاص مع الفائزين بالجائزة، قبل الحفل، إن الصين حققت إنجازات كبيرة في العقود الأخيرة على صعيد تطوير الاقتصاد والتجارة الخارجية، وهي تسعى في السنوات الخمس المقبلة إلى التركيز على نوعية التعليم، والاهتمام بجودة مخرجاته، وعلى تنمية الإنسان الصيني، وثقافته. كانت السيدة ليو تعلّق على مداخلة من أكبر الفائزين، وهو الأسترالي كولن باتريك ماكيراس، ولم تكن تقرأ كلمة معدّة مسبقاً، ذات عبارات محسوبة، وهذا يعطي كلامها مصداقية أكبر. الفوز بالجائزة أتاح لي، أيضاً، فرصة أخرى للحوار مع الصينيين في مسألة الكتاب والتأليف والنشر. إذ ضمن فعاليات معرض الكتاب، جرى تنظيم ندوة حوارية بين الفائزين بالجائزة وعدد من الناشرين الصينيين، وقد تحدثت فيها حول علاقة الصين بالكتاب في العالم العربي، وقلت إنها ما تزال تتأثر بعاملين: صورة الصين في العالم وهي في الغالب ليست إيجابية تماماً، ومدى جودة اللغة التي يجري بها ترجمة الكتاب الصيني إلى العربية، إذ عادة ما تكون لغة عربية ركيكة، غير محببة للقارئ العربي. وضربت مثلاً نجاح روايات مترجمة عن اليابانية في السوق العربية، ما يعني أن النجاح ممكن، غير أن له شروطاً، وهو أمر لفت انتباه المشاركين الصينيين في الندوة. من الجيد أن نفكر، نحن في الأردن، أن نكون ضيف شرف معرض بكين في سنة قادمة. هو أمر يرحب به الصينيون، ويجر فائدة عظمى على الكتاب الأردني، والكاتب الأردني، والقارئ كذلك.