في خروجٍ عن العادي والنمطي بالسرد الروائي المعاصر، حرجت رواية " عندما يثور الجسد " للكاتبة ضحى دروزة لتشق طريق المحظور وتفرض مضامين روايتها على الواقع الحياتي المعاش ، ليس اختراقا او اقحاما بل لأن تلك المضامين هي جزء حقيقي من الواقع الذي يحاول البعض تجميله والخروج به من حالة الانسحاق والمرارة التي تعيشها المرأة العربية في أكثر من مكان.
الكاتبة دروزة استطاعت في رواية "عندما يثور الجسد" من الدخول الى منطقة المسكوت عنه في واقع المرأة المهمشة ، المرأة المركونة في زوايا البيت كقطعة "اكسسوار" وليس المرأة الانثى التي ليس امامها الا ان تكون انثى تحاكي انوثتها لتقتلعها من واقعها الذي يحاول تهميشها وتحويلها الى اداة .
اللافت في رواية دروزة والتي قطعت عاما وشقت طريقها في المكتبة الاردنية والعربية انها لا زالت محط قراءات نقدية كثيرة، وذلك لما تناولته في روايتها من محاذير شائكة احجمت الروائيات العربيات على الخوض في تفاصيلها لاسباب عدة يعود ابرزها الى حالة الانجماد التي يتم تجميد قضية الزوجات وحياتهن "الجنسية" في معرض الاعمال الروائية، فلا زالت مجتمعاتنا العربية تتعامل مع هذه القضية بشيء من الخوف والرهبة الى الحد الذي يخشى البعض فيه من روائيين وروائيات من اقتحام "الجنس" من ثالوثه المحرم كما اعتدنا عليه في مجتمعاتنا العربية.
تناولت الكاتبة دروزة عددا من القضايا الاجتماعية الهامة من خلال طرحها الجريء لمبدأ حرية المرأة ومساواتها بالرجل وكذالك دور الوالدين في العناية والاشراف على الابناء وكذلك لا تتوانى من تعرية الانتهازيين والوصوليين من الرجال وتطالب بإقرار قانون الخلع وإلغاء المادة المخففة للاحكام على قتلة المرأة على الشبهة وتتحدث بصراحة تكاد تكون غير مسبوقة عن الارهاصات والعذابات التي تعيشها المرأة المحرومة من الحب بكل أبعاده , كما تتطرق الى كثير من القضايا ذات الأبعاد السياسية والإنسانية والحياتية في العالم الثالث دون استثناء , لن أتحدث عن الرواية أكثر سأترككم معها لتجدوا فيها من المتعة والتشويق والفائدة .
ولا يخفى على القارئ بأن الكاتبة دروزة في روايتها "عندما يثور الجسد" بأنها نقلت على صفحاتها الواقع الحقيقي لمعاناة الكثير من النساء، بل ويكاد يجد القارئ نفسه امام عمل تسجيلي ينقل الحقيقة بكامل تفاصيلها دون اخفاء لمعالمها الموجعة.
قد يؤخذ على رواية "عندما يثور الجسد" ان المبررات التي قامت الكاتبة دروزة في تقديمها لقضية "الخيانة الزوجية" في سياق احداث الرواية بأنها دعوة مفتوحة لتمرد النساء للدفاع عن انثويتهن المهمشة، وهو الامر الذي يتعارض في طبيعته مع ثوابت مجتمعية اخلاقية موغلة في التاريخ الاجتماعي للمجتمعات العربية، حتى وصلت هذه الثوابت في رفض "الخيانة الزوجية " من قبل المرأة وغفرانها في حالة الرجل !!
وهو الامر الذي قالت به الرواية في الجزء الخاص بعلاقة بطلتها "غروب" مع "الذكر" خارج العلاقة الزوجية ، فعندما تركها زوجها 'وائل' قاصدا العمل في في الغربة جعلها محاطة بدائرة الافكار السوداء السلبية كأن ان زوجها قد خانها وذهب ليعشق انثى هناك او انه الآن يستمتع ببحر من اجساد النساء ويشبع رغباته الجنسية بينما هي ملقاة في بئر الحرمان ، لذلك كانت فكرة خيانة الزوج والعودة الى الصحفي العشيق تتسلل الى مخيلتها بالكامل ولكن من يكون البديل هل يكون الدكتور مهند الرجل الكبير الاعزب والذي لديه طاقة كامنة من المشاعر الذكورية ام الحبيب الذي لايلتفت اليها بل الى نزواته ... فكان الخيار الاول هو الحل ولكن كانت رغم ذالك حريصة ان لاتسلم جسدها بالكامل بل بأن تأخذ وجبة جنسية خفيفة تشبعها الى ان يعود الزوج وتكمل النهم الجنسي الذي بداخلها ... على عكس مافعلته رندا صديقتها حين كانت مدمنة على الجنس مع اي احد حتى لو كان عاملاً في الشارع المهم ان تشبع رغباتها مما جعل رندا عرضة لإبتزاز صديقها ومدمنة عليه ... !!