تنتشر حافلات المدارس باكرا كل يوم لنقل التلاميذ وليس هناك شارع واحد يخلو من وجودهم وأكثرها يأتي إليه أكثر من حافلة لأكثر من مدرسة، وقبل أن تقف الحافلة تماما يطلق السائق العنان للزامور في دعوة للتلميذ ليصطحبه، والأمر يتكرر يوميا ومن كل الحافلات وبات الأمر طريقة معتمدة عند الأهالي دون ان تزعجهم أبواق الزوامير الصباحية وان هي تزعج غيرهم ممن في الجوار دون ريب.
وما ان تنتهي الحافلات من جمع التلاميذ وتحل الساعة الثامنة صباحا حتى تداهم الشوارع سيارات توزيع الغاز بنغماتها وهي تتوالى طوال النهار تقريبا، وما ان تمر واحدة حتى يأتي بعدها صوت المكبرات المعلقة على سيارات الخردة، وهذه تتوالى ايضا وبشكل يومي بلا كلل او ملل، ثم بعدها مكبرات السيارات التي تبيع الخضروات وهذه تتوالى طوال اليوم ايضا، ثم هناك باعة غزل البنات وكرابيج حلب الذي يكملون المشهد لنهار من الضجيج.
المصيبة هنا أن كل الذي يقودون السيارات يطلقون عنان زواميرهم بسبب او بدونه، والامر ظاهرة عامة لا يقف عندها أحد رغم الازعاج الذي تسببه، ويفوق بحدته التلوث السمعي الذي هو أشد سوءا من التلوث البيئي. والاكثر غرابة استخدام التزمير للتعبير عن الفرح، والتفنن باختيار صوته والتباهي به كلما كان عاليا، رغم ان أنكر الأصوت صوت الحمير.
في الدول المتقدمة تجمع الحافلات المدرسية التلاميذ من بيوتهم غير ان أيا من السائقين لا يمكنه استخدام الزامور؛ لأنه يعد مخالفا تحت طائلة العقوبة إضافة لاعتبار التزمير أمرا مشينا، كما ان السائق لا يحتاجه كنداء للتلاميذ لأنهم يكونون بانتظار الحافلات في الوقت المحدد كسبا واحتراما للوقت.
ينبغي البحث في أسباب تقدم الغرب ولماذا هم أفضل حالا في كل شيء، ثم الوقوف عند اسباب التخلف عندنا والتردي المستمر والاستسلام له وكأنه لا يوجد علاج، ربما بعدها سيكون ممكنا وقف نزيف الخيبات والتخلص من استخدام الزامور ايضا.