وإذا كانت الشراكة في العمل التربوي العام لا تقبل نقاشاً أو اختلافاً فإن الشراكة مع الأسرة في مجال التربية الخاصة تعتبر ضرورة قصوى ينبغي مد جسورها وتقوية روابطها فهي –أي الأسرة-تعد ركنا أساسيا من فريق العمل ودون التعاون والاهتمام والمتابعة من جانبها سيكون الشك كبيرا في قدرتنا على مساعدة الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة للوصول إلى الأهداف والغايات المنشودة.
إن الطرفين كلاهما بحاجة لتنمية هذه الشراكة ففريق العمل الذي لا يسعى لتأطير علاقة مميزة مع أسر ذوي الاحتياجات الخاصة سيبدو يائساً أمام كم المشاكل التي يصادفها في حين أن الاسرة ستشعر أنها ترزح تحت هموم قاصمة إن لم تستفد من خبرة فريق العمل وبالتالي تسعى باختيارها للتعاون ورعاية هذه الشراكة.
غني عن القول أن الهدف –دائما-من هذه العلاقة هو تقديم أفضل ما يستطاع واتخاذ القرارات الخاصة بالطفل بناء على تبادل المعلومات والخبرات بين الأسرة ومقدمي الخدمة.
قد لا أكون خرجت من البديهيات التي نتفق عليها وندعو اليها جميعا وأكدتها الدراسات التربوية حول أهمية الشراكة المقصودة لكنني أخشى أن الشكل طغى على الجوهر وفقدنا الكثير مما نرجو عمله.
إن العمل البنّاء مع ذوي الاحتياجات الخاصة ينطوي على مساعدة أسرهم وإرشادهم الى أنجع السبل لتقديم العون لآبنائهم فهم الأقرب لمشاكلهم والأكثر التصاقا بهمومهم ويتطلب ذلك المساعدة في تغيير الأفكار السائدة لدى الاسرة والمجتمع.
على صعيد الممارسة العملية قد تبدو العلاقة في ظاهرها أنها تقوم على أسس قوية وقنوات التواصل بين الطرفين مفتوحة وتوصف العلاقة بأنها قائمة على الثقة والاحترام المتبادل لكن محاولة التثبت بموضوعية من طبيعة هذه العلاقة وعند التدقيق فيها نجد أن كل طرف لديه ما يأخذه على الآخر.
من أهم ما يطرح في حق هذه الشراكة أن فريق العمل يدعي أن معظم الأسر لا تبدي تعاوناً واهتماماً بما يكفي لصالح الأبناء وهي لا تبادر أو تتردد في تقديم المعلومات ولا تلبي دعوات اللقاء في حين أن الأسرة تشكو من أن هذه الشراكة يراد لها أن تقبع في خانة الشكليات وأن التواصل معها فقط لتبليغ ما يقع من مشكلات ولا توجد نية حقيقية لإتاحة الفرصة للمشاركة في تحقيق أهداف الخطة التعليمية التربوية المكتوبة بدقة لكن على الورق فقط.
يبدو أن الخلل يكمن في أن التخطيط للقاءات مع الأسر تحتاج للوقت من الطرفين وإن انشغال الجميع في ظروف الحياة لا يساعد في بناء أركان شراكة حقيقية.
لكن كيف يمكن التغلب على هذه الإشكالية في ظل وقع حياتي متسارع يجعل من الوقت مشكلة الجميع؟
إن العلم يسر سبل التواصل الاجتماعي بين الناس وصار التعليم الإلكتروني جزءاً أساسياً من منظومة التعليم وهذه بدورها تختصر الوقت والجهد والمسافة وأصبحت الأماكن افتراضية لا أهمية لها ويجدر أن تستخدم هذه الوسائل بإيجابية لتحقيق الأهداف وإنجاز الغايات المتعلقة بالأبناء.
إن العلاقة التشاركية بين الأسرة والمدرسة والمبنية على الثقة والاحترام المتبادل واستشعار كل طرف لمسئولياته تتيح الفرصة لتقديم الأفضل فالأسرة والمدرسة هما أكثر المؤسسات تأثيراً في حياة الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة فما لا تعرفه المدرسة قد تقدمه الأسرة وما تكتشفه المدرسة قد يغيب عن ذهن الأسرة.
د. منصور محمد هزايمة