الأصيل والدخيل .. في حديث الأمير الحسن
- الخميس-2011-03-29 00:26:00 |
أخبار البلد -
صرخة استنكار أطلقها سمو الأمير الهاشمي الحسن بن طلال بن عبد الله الأول، صاحب الحكمة والبصيرة والنظرة الاستراتيجية والانتماء الأصيل لهذا الوطن، والولاء العميق لقيادته الهاشمية صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، إذ قال سموه مستهجنا في مقابلة تلفزيونية قبل يومين: "هل أنا دخيل"؟!
انطلقت هذه الصرخة بحرارة ومرارة وألم لما رأى الأمير الحسن الحافلات والمجاميع التي تنطلق بـ"كبسة زر" –على حد تعبير سموه- لتنقل المحتفلين "بإنهاء كل أشكال التجمهر" وهم يحملون رشاشاتهم ومسدساتهم يطلقون منها الرصاص الحي فرحا بمقتل مواطن أردني وجرح مائة مواطن آخر في نفس المكان الذي حدثت فيه جريمة القتل وتحت حماية ومشاركة وتنظيم وتوجيه "خلية تتبع جهة رسمية يعرفها كل الأردنيين" كما قال دولة السيد أحمد عبيدات مدير المخابرات الأسبق.
أخطر ما نواجهه اليوم بعد "النقطة السوداء" التي لطخت صورة الأردن المشرقة في الجمعة الماضية الحزينة –كما يقول وزير الخارجية السيد ناصر جودة "جده قدم من سنجل قضاء القدس"- هو أسطوانة "الأصيل والدخيل" كما يحذر سمو الأمير الحسن في حديثه سالف الذكر، هذه الأسطوانة التي عزف عليها مجاميع "كبسة الزر" باتهامهم الباطل بأن جميع المطالبين بالإصلاح هم "فلسطينيو الأصل" وبالتالي فهم "دخلاء" على هذا البلد المرابط وليسوا "أردنيين أصلاء أبا عن جد"، وبهذا يتم تقسيم الشعب الأردني إلى "أصلاء ودخلاء".
ومن أفواههم وصفحاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي أدينهم، فهم بمنطقهم العنصري هذا يعتبرون المهندس سعد هايل السرور وزير الداخلية "دخيلا"، لأن كثيرا من الأردنيين من أصل فلسطيني حصل آباؤهم على الجنسية الأردنية في الأربعينات قبل أن يحصل عليها والده الرمز الوطني والقومي الراحل الشيخ هايل السرور رحمه الله الذي كان عضوا بمجلس النواب السوري وحصل على الجنسية الأردنية في أواخر الخمسينات، هذا ما ذكرنا به الكاتب الأستاذ خالد محادين قبل أشهر في مقالته الساخنة الشهيرة "وزير يبعث على الطمأنينة".
وهم بمنطقهم هذا يعتبرون قرابة نصف رؤساء الحكومات منذ تأسيس الدولة الأردنية ونصف المدراء العامين لجهاز المخابرات "دخلاء"، فمعظمهم ينتمون إلى عائلات فلسطينية وشامية وحجازية وشركسية، وأول رئيس للوزراء هو توفيق أبوالهدى المولود في عكا من أسرة معروفة تعود أصولها إلى الرملة، كما أن أول مدير للمخابرات العامة هو محمد رسول الكيلاني القادم جده من يعبد ونابلس، ولا عجب في ذلك فالملك المؤسس عبد الله الأول بن الشريف الحسين بن علي رحمه الله أسس إمارته في شرق الأردن لتكون نواة لدولة عربية قومية تشمل سوريا والعراق والحجاز وكل بلاد العرب، وشيوخ عشائر الأردن في ذلك الزمن وقبله كانوا يعدون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من سوريا الكبرى وبلاد الشام التي أصبحت بمفهوم رئيس الوزراء الحالي مصدرا أجنبيا يتلقى منه الأردنيون الأوامر! ويبدو أن الدكتور معروف البخيت والكثيرين حوله بحاجة إلى أن يعيدوا قراءة تاريخ الأردن المجيد ومآثر الهاشميين ومواقفهم القومية النبيلة، وليبدأ دولته بكتب شقيقه العلامة البروفسور محمد عدنان البخيت.
إن مجاميع "كبسة الزر" بمنطقهم العنصري يشطبون أكثر من نصف أبناء الشعب الأردني بناء على أماكن ميلاد آبائهم وأجدادهم، وهم بمنطقهم هذا يعتبرون سمو الأمير الحسن "دخيلا" وقد قال سموه في حديثه: "أبي الملك طلال رحمه الله ولد في مكة المكرمة تماما كما ولد آباء مواطنين أردنيين في القدس، فإن كان هؤلاء المواطنون دخلاء .. فهل أنا دخيل"؟!
إن هذا المنطق العنصري الذي اصطبغت به ألفاظ وعبارات وصيحات وهتافات وشعارات وتصرفات وحجارة وعصي ورشاشات ومسدسات مجاميع "كبسة الزر" ومن وراء هذه الكبسة يوجه إهانة بالغة إلى عموم الشعب الأردني وإلى قيادته الهاشمية الشريفة، وحاشا للهاشميين آل البيت أن يكونوا دخلاء على الأردن وأهله! بل هم آل البيت الأصلاء الأنقياء الأطهار معدن العرب وشيوخ قريش وأئمة الإسلام وورثة الرسالة الذين قال فيهم رب العزة: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" وقال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترة اهل بيتي" رواه الإمام أحمد في مسنده.
إن "الأصيل" هو المواطن المنتمي لتراب هذا الوطن الذي يحافظ على أمنه ويتمسك بوحدة أبنائه ويعمل بكل جهده لبنائه ورفعته وازدهاره وإصلاحه وإسداء النصح لقيادته، و"الدخيل" هو الذي يقتات على تمزيق نسيجه الوطني ويتطاول على قيادته وتمتد يده إلى العبث بمقدراته ويحتفل ابتهاجا بسفك دماء الأردنيين واستباحة حرمات نسائهم واقتراف أعمال وصفها الأمير الحسن بأنها "مخزية".
المهندس هشام عبد الفتاح الخريسات
hishamkhraisat@gmail.com