منذ نشوء النهضة العلمية وازدهار العلوم الطبية في أوروبا والعالم منذ قرون كانت هناك ضرورة ملحة للتعامل مع العينات التي يتم أخذها من المريض لغرض معرفة نوع المرض وتقييم حالة المريض من حيث تشخيص الحالة المرضية وشدة الإصابة وتطور المرض والبحث العلمي وأصبح لزاما على كل باحث في مجال العلوم الطبية ان يكون ملما بتقنيات التحليل الطبي واستخدام الأجهزة والأدوات والمواد المخبرية ومن هنا بدا يبرز الاهتمام بصياغة برامج لتعليم العلوم الطبية المخبرية.
في بدايات السبعينيات من القرن الماضي بدأت المعاهد في الأردن بتدريس تخصص التحاليل الطبية وكان ذلك استجابة لاحتياجات القطاع العام والخاص لكوادر مؤهلة في هذا المجال لظهور جوائح مرضية مثل الأنفلونزا والكوليرا وغيرها من الأمراض التي كانت تنتقل عبر الدول في العالم .وفي بداية الثمانينيات من القرن الماضي أسست أول كلية متخصصة في جامعة اليرموك تخرج طلبة يحملون درجة البكالوريوس في التحاليل الطبية المخبرية وبواقع 177 ساعة معتمدة حيث تم الاستئناس ببرامج ومساقات تدرس في الجامعات البريطانية والأمريكية وقد رفدت جامعة اليرموك -ومن بعدها جامعة العلوم والتكنولوجيا - السوق الأردني والقطاع الطبي الأردني والعربي بكوادر مؤهلة وعلى قدر عال من الحرفية والمهنية.
وبتطور القطاع الطبي في الأردن كان لا بد لقطاع المختبرات الطبية إلا أن يتطور مواكبا النقلة النوعية في مجال الخدمات الطبية المقدمة للمريض حيث أصبح الأردن في مقدمة الدول العربية- إذا لم تكن الدولة الأولى -التي تقدم السياحة العلاجية على أعلى مستويات الجودة وبتطور هذا القطاع الطبي الحيوي الذي تشير الدراسات العلمية أنة يشكل احد الركائز الأساسية في عملية تشخيص المرض ففي دراسة بحثية عالمية تبين أن ما يقارب 70 % من الأمراض المعرفة علميا لا يمكن الجزم بوجودها إلا من خلال التحليل ألمخبري . من هنا بدأت تظهر أهمية التحليل ألمخبري وبالضرورة العامل البشري والمكان( المختبر) الذي يقدم هذه الخدمة الهامة للطبيب المعالج.
وبموازاة تطور هذه المهنة عالميا وعربيا ومحليا تقدم صانع القرار في بلدنا بترخيص تدريس تخصص التحاليل الطبية المخبرية في الجامعات الحكومية والخاصة وتطور الأمر بفتح باب الدراسات العليا فيه وأصبحت هذه المعاهد والجامعات ترفد السوق الأردني والعربي بكوادر مؤهلة وعلى درجة عالية من التميز حتى أصبح الخريجين في السنة الواحدة يتعدون الألف خريج وخريجة. وطبقا للإحصائيات أصبح يعمل في قطاع المختبرات الطبية في الأردن أكثر من 15000 متخصص من جميع الدرجات العلمية .
ومما سبق يتبين مدى أهمية هذه المهنة في التشخيص المرضي ومدى محورية الدور الذي يلعبه المختبر الطبي في السيطرة على الأمراض السارية والأمراض التي تجتاح عالمنا مثل فيروسات الأنفلونزا بجميع أنواعها إلى فيروسات الايبولاH1N1,H5N1 , وغيرها من مراقبة ومتابعة نسب الإصابة ونسب انتشار بعض الأمراض مثل أمراض السرطان وأمراض المناعة الذاتية.ومن هنا أصبح لزاما الاهتمام بهذا القطاع من حيث إعداد البرامج لمتابعة كفاءة العاملين فيه وتنظيم المؤتمرات العلمية والدورات المحلية والخارجية التي تكسب العاملين في المختبرات الطبية الخبرة اللازمة لمواكبة ما يستجد في هذا العلم المتطور . وتقتضي الضرورة هنا إلى إيجاد نقابة مهنية ترعى هذه الجهود وتقوم بتنظيمها وتكون هي الممثل العلمي والحضن النقابي الذي يعنى بحقوق العاملين في قطاع المختبرات الطبية .ولا يفوتني هنا أن اذكر أن كثيرا من البلدان العربية والأجنبية والتي لم تتطور مهنة المختبرات الطبية لما عليه في بلدنا الحبيب قد سبقتنا في تنظيم هذه المهنة من خلال نقابات مهنية متخصصة . لذلك لا بد لنا نعمل بكل ما نستطيع ليكون هدفنا الأساس هو النهوض وتطوير وتنظيم مهنه بهذه الأهمية بما يخدم بدنا ويحافظ علية