لم تكن حركة 24 آذار التي انقادت للإسلاميين بحرفية ومهنية عالية وبوقت قياسي بعد أن ركبوا موجتها بجدارة واستحقاق مستغلين كعادتهم ظروف تلك الحركة والتي تلخص بغياب الزخم الفعلي لهذه الحركة منذ إعلان ولادتها من جانب ، ولغياب قيادة واعية تستطيع إدارتها بجدارة من جانب أخر ، فاستغلت الحركة الإسلامية تلك البراءة الوطنية التي ظهرت عليها الحركة واستطاعت تجنيد الشباب المنضوي تحت اسم تلك الحركة بمختلف مشاربهم واتجاهاتهم والسير بها نحو أجندة خاصة تتعلق بالحركة الإسلامية في الأردن .
فالمتابع لنشاطات وحركة الشباب منذ إعلانها على المواقع المختلفة وخلال لقاءاتنا بهم مساء الخميس أي منذ لحظة التجمع على دوار الداخلية يدرك تماما أن الشعارات والمطالبات قد تبدلت في اليوم التالي وانتقلت من المطالبة بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد وإقرار قوانين انتخابية عصرية كما هي باقي مطالبات الشارع الأردني إلى مطالبات تحمل في طياتها أجندة خاصة بالحركة الإسلامية وممن يسمون أنفسهم أصحاب الحقوق المنقوصة ، فالدعوات التي أطلقوها حول توزيع المقاعد البرلمانية تبعا للكثافة السكانية للحد مما وصفوه تمثيل الجمال والجبال تحت قبة البرلمان ( في إشارة إلى مقاعد أبناء البادية في شمال ووسط وجنوب الأردن ) !! والمطالبة كذلك بحل قوات الدرك وإطلاق مغناة الجيوش لحماية العروش وتكبير الكروش!! والمطالبة بكف يد المخابرات على حد وصفهم عن أجهزة الدولة والمؤسسات يشير إلى توريط تلك الحركة بأجندة سياسية خاصة بالحركة وغيرها ، مما أثار حفيظة أبناء الوطن الذين شعروا أن تناول الجيش والأجهزة الأمنية والتقليل من شأنها ودورها في حماية الوطن ومكتسباته والحرص على أمنه خطا احمرا لا يملك احد الاقتراب منه ، وكذلك ما يتعلق بإعادة توزيع المقاعد البرلمانية ولاحقا مقاعد مجلس الوزراء قد دفع أبناء الوطن لرفض وإنكار تلك المطالب التي خرجت على إجماع الناس حول مطالباتهم بالإصلاح الشامل ، ويؤدي إلى شعور أبناء العشائر في مختلف المحافظات أن مكتسباتهم مهددة من قبل الإسلاميين وغيرهم وان موضوع الإصلاح قد يكون على حسابهم ، ناهيك عن قدح وذم أجهزة الأمن ووصفهم باليهود والتتر في سابقة لم يعهدها الشارع الأردني من قبل رغم ما قدمته الأجهزة من تسهيلات ودعم لذلك الاعتصام
إن المطالع والمتابع لحراك الاتجاه الإسلامي في الأردن منذ شهور يدرك ضعف صلته بمعاناة ومطالب أبناء الوطن ويضع دوما أجندته الخاصة في مقدمة الأجندة الوطنية الحريصة على أمن واستقرار ورفعة الوطن ، فالرفض غير المبرر للمشاركة في لجنة الإصلاح رغم مشاركة الجميع كان محاولة للي ذراع الحكومات للمطالبة بالمزيد من التنازلات التي هدفها دفع البلاد إلى أزمات اجتماعية وسياسية بفضل ما قد يكسبوه على حساب بقية فئات وقوى أبناء الأردن الذين باتوا ينظرون إليهم عبئا سياسيا وعشا ساما يطلق الأزمات بغية خدمة أهداف غير وطنية لم يعودوا يخجلوا من طرحها على العلن والتي ستؤدي إذا ما استمرت إلى تأجيج الشارع الأردني و إثارة الفتنة الإقليمية بين أفراد الشعب الذي قد ينقسم بين مؤيد ومعارض لتك المطالب متجاهلين ضرورة مشاركتهم أبناء الوطن ومؤسساته الاجتماعية والسياسية والأمنية الحرص على استقرار وأمن ما يعتبرونه ارض الرباط والحشد ، فقيادة تلك المسيرات وفرض الأجندة التي صاغتها قوى إسلامية خارجية جعلت إسلامي الأردن مطية لتلك القوى لتخريب الأوطان وإعادة تشكيل البلاد تبعا لمصالحهم ومصالح أعداء الوطن ، فما جرى من مصادمات تتحملة الحركة الإسلامية وحدها ، ويتحمله كذلك أصحاب الأجندة الخاصة مما يطلق عليهم أصحاب الحقوق المنقوصة ذوي النزعة الإقليمية الذين وجدوا هم كذلك في حركة 24 آذار فرصة التلويح بمطالبهم المتعلقة بإضعاف أجهزة الدولة وإعادة تشكيلها بما يخدم أهدافهم وطموحاتهم بوطن بديل عبر الضغط على الحكومة لمنع سحب الجنسيات والأرقام الوطنية ومنح الجنسية للمقيمين على أرضها وتجنيس أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين مما قد يفتح الباب واسعا لمزيد من هجرات أبناء الشعب الفلسطيني من مختلف مناطق الشتات وخاصة من سوريا ولبنان والعراق في ضوء تلك التعديلات التي يطالبون بها والتي تلقى رعاية ودعم الحركة الإسلامية نفسها بالرغم من اعتبارها مساعدة لتفريغ الأرض الفلسطينية تمهيدا لبناء الدولة اليهودية وحل مشكلة اللاجئين في الشتات على حساب الأردن !
لم يعد مقبولا أن تستمر الحركة الإسلامية بما تخططه وتنفذه تبعا لتوجهات خارجية ، ولم يعد مقبولا أن يكون جسدها في البلاد وقلبها خارجه ، ولم يعد مقبولا ان تعمل على إضعاف البلاد وإثارة العباد والفتن بمخططاتها التي وجدت من تتساوق معهم تحت مسميات الحرية والعدالة والحقوق المنقوصة وهما في الأصل والفصل خطان سياسيان لا يلتقيان .