محمد علاونة
ما أن تحاول إدارة السير أو أمانة عمان استحداث منظومة جديدة لضبط إيقاع الشارع والحفاظ على مستخدميه من مشاة وسائقين تحتج شريحة كبرى بحجة أن ذلك جباية والبعض يذهب باتجاه استهداف جيوب الفقراء، وآخرون يلقون باللوم على البنية التحتية في مشهد غير مفهوم.
لا يمكن تفسير ذلك إلا في سياق الإصرار على ارتكاب المخالفات وكأنها أصبحت عادة لا يمكن التخلص منها وشاهدنا كيف ارتفعت الأصوات عند تعديلات كانت مرتقبة على قانون السير ورفع قيم المخالفات وتحديدا بما يتعلق باستخدام الهاتف النقال وقطع الإشارة الحمراء.
اليوم ذات الأصوات ترتفع ضد تركيب كاميرات مراقبة، مع تحفظنا على مسألتين فقط الأولى تتعلق بخصوصية السائق بسبب الدقة العالية التي يمكن أن تسجل ما يحدث في داخل المركبة، والثانية مخالفة الترخيص التي يمكن أن تكون عبئا إضافيا على السائقين الذين هم بالأصل ليس لديهم المال الكافي للرسوم فكيف يضاف إليها مخالفة جديدة؟
تلك يمكن إعادة النظر بها من باب العدالة لا غير، فموضوع الخصوصية يبدو أنه غير قانوني وبحسب خبراء في هذا الشأن، فالمركبة تعتبر حرمة كالمنزل وإلا كيف يمكن تفسير معاقبة من يقتحمها، أما الترخيص فيجب إعطاء فترة زمنية إضافية لمن انتهت صلاحية مركبته وألا يفاجأ بوجود مخالفة سجلتها الكاميرا بسبب الانتهاء، بالتأكيد شريطة أن تكون المركبة صالحة بما يتعلق بالسلامة العامة.
أما بما يتعلق بالسرعة واستخدام الهاتف النقال وقطع الإشارة وتغيير المسرب فإن الاحتجاجات غير مبررة إطلاقا ومعروف أن بعض المخالفات تتضمن حجز المركبة والرخص وأحيانا السجن فكيف يستهدف الفقراء دون غيرهم.
هنالك من يرى أن الكاميرات غير مناسبة لشوارع متهالكة ولا تحمل علامات توضح المسارب، وفيه كم هائل من الحفر وتلك يمكن معالجتها بسهولة، وإذا كان مستخدمو الطرق لا يلتزمون بالقوانين فمن سيلتزم.
الكاميرات جاءت في إطار إصرار غير مسبوق على المخالفات وتحديدا بما يتعلق بالهاتف، فبالكاد عدم رؤية أحدهم يتحدث وهو يقود أو حتى لا يكتب رسائل قصيرة رغم التحذيرات المتكررة والدراسات العلمية التي أثبتت أنه سبب رئيس في ارتكاب الحوادث وتعريض حياة الآخرين إلى الخطر.
الالتزام بالقوانين والتعليمات، وبخاصة التي تتعلق بمخالفات السير مؤشر حقيق على مدى رقي المجتمع ومستوى الوعي الذي يتمتع به، أما الاحتجاجات ومقدارها مؤشر وبالتأكيد على عكس ذلك، لنلتزم بأدب الطريق وألا نحتج دوما كوننا تعودنا على أخطاء وأصبحت تلازمنا لتصبح الصورة معكوسة عندما نحتج على الصحيح بدلا من الخطأ.