حدثان تابعهما الكثيرون خلال الأيام الماضية، الأول يتعلق بتطورات قضية النائب طارق خوري، والثاني يتعلق بتفاعلات اختيار اللون الجديد لزي عمال الوطن.
الحدثان تم ربطهما بشكل مباشر بناديي الوحدات والفيصلي وجدليتهما الأبدية الأزلية في مجتمعنا، ففي القضية الأولى كان الربط لأن النائب طارق خوري هو رئيس نادي الوحدات، فيما كان رفض النادي الفيصلي من خلال بيان صادر عن إداريته لقرار امانة عمان باختيار اللون "التركواز" كلون جديد لزي عمال الوطن هو الرابط بين النادي وهذه القضية.
في قضية طارق خوري جاء جزء كبير من الانقسام حول الرجل، لكونه رئيس الوحدات؛ حيث انعكست المنافسة التقليدية بين الناديين وانصارهما على الموقف من هذه القضية، خصوصا وهو لا يخفى على أردني المكونات المجتمعية التي يمثلها كل منهما، فالوحدات تاريخيا كان رمزا لأبناء المخيمات الفلسطينية في الأردن، بينما الفيصلي للعشائر شرق الأردنية.
المهم، باستثناء الأقلية من النخب التي اتخذت موقفها من هذه القضية على أسس سياسية أو حقوقية سواء مع رأي النائب او ضده، فإن الغالبية وخاصة رواد وسائل التواصل الاجتماعي اتخذوا موقفهم بناء على ميولهم "النادوية"، فوقف مشجعو الوحدات في صف طارق خوري، ووقف مشجعو الفيصلي على الطرف الاخر، وأصبحت هذه القضية وكأنها كرة قدم تتقاذفها الجماهير هذه المرة بدلا من اللاعبين، وغصّت صفحات جماهير الناديين على المواقع المذكورة بالدعوات الى تنظيم الاعتصامات سواء للمطالبة برفع الحصانة عن خوري او لمساندته.
لم يختلف الأمر كثيرا في قضية عمال الوطن، فبمجرد ان أصدر النادي الفيصلي بيانه الرافض لاختيار لون "التركواز"، قامت إدارة الوحدات بالترحيب بفكرة اختيار اللون الأخضر الزيتي، وبدأت بعدها حملات من المناوشات والاتهامات بين الجمهورين، وتحولت القضية من تكريم لطلب شقيق الشهيد معاذ الكساسبة بتغيير اللون البرتقالي الى قضية تنافس بين مشجعي فريقي كرة قدم.
من المشهدين، نستطيع أن نفهم أننا بحاجة لوقفة صراحة، فمن العار علينا جميعا "تقزيم" كل قضايا الوطن لتصبح على مقاس كرة القدم، وان كنا نفهم تماما التنافس الشديد بين الناديين، إلا أنه لا بد أن يبقى على المستطيل الأخضر فقط، والتنافس الأشد بين الجمهورين باعتباره امرا طبيعيا يحدث في كل انحاء العالم، يجب ان لا يصبح أرضية للتعامل مع قضايا الوطن جميعا.
ان التعصب غير الرياضي، وجر التنـــــافس بين الناديين بعيدا عن أرضيـــــــة الملعب هو امر خطير بحد ذاتـــــه، فكيف اذا اصبح هذا التنافس أرضية لاتخاذ مواقـــــف في قضــــايا تهـــم الوطن والمواطنين، أليس ذلك كفيلا بأن نقتنع أن الأمور تسير في طريق وعر ومنحدر خطير؟
مجبر أن أقول إن على المتعصبين من جمهور الفريقين ان يفهموا جيدا ان الوطن أكبر من ملعب كرة قدم، وأن الوطن أكبر من الوحدات وأكبر من الفيصلي وأكبر من أي نادٍ او شخص، مهما كان تاريخ هذا النادي عريقا، ومهما كانت جماهيره كبيرة، ففي النهاية الوطن أهم وأكبر وأعظم من الجميع.