أخبار البلد - رامي خليل خريسات
البرلمان الاردني على طاولته قانون الاوراق المالية وقانون الشركات لإقرار تعديلهما ، القانونان كما ارى يجب ان يقرأ معاً لارتباطهما العملي الوثيق ،خاصة عندما نتحدث عن الشركات المساهمة العامة، التي و للأسف تأسست بكثافة في فترة الطفرة التي سبقت عام 2008 واصبح اغلبها الان يعاني تعثراً وخسائر ومخاوف تصفية واندثار .
اهم الاسباب وراء ذلك التعثر كانت عدم نجاعة الجدوى الاقتصادية لتلك الشركات نتيجة عدم جدية المؤسسين، وضعف الرقابة والمساءلة ،حيث بنيت تلك الشركات على دراسات اقتصادية ورقية غير واقعية تفتقر للعمق ، كون الهدف كان ليس مشاريع مربحة طويلة الاجل تخدم الاقتصاد وتوظف ، بل اسهم تباع بعد فتره لتحقيق الارباح، و رواتب وامتيازات ومكانة اجتماعية .
في اميركا الكثير من الشركات المساهمة العامة العملاقة التي ادرجت في البورصة وطرحت للعموم بدأت ورشات صغيرة لعائلة خلف المنزل، وبعد ان انتجت وباعت وكبرت تقدمت الاكتتاب العام ،وانضمت للبورصة ، اما عندنا فقد تم بيع المجهول للمكتتبين واغلبهم من صغار المستثمرين ، حيث طرحت وتزاحمت في السوق شركات انشأها اشخاص ليس بناءً على جدوى مدروسة وناجحة، او بالاعتماد على كفاءتهم او خبراتهم العملية او التسويقية المميزة، بل بناءً على ظروف الطفرة ووفرة السيولة ، فأنشأت شركات وادرجت ،ثم تركت في مهب الريح فتعثرت.
لذلك على المجلس النيابي الكريم ووفق الممارسات المميزة، ان يسن تشريعاً لا يسمح بتأسيس الشركات المساهمة الا اذا كانت مقتصرة على مؤسسين يقودونها نحو النجاح عدداً من السنين بالاعتماد على اموالهم لا اموال المكتتبين من الجمهور، وبعد تحقيق الربحية بعد مرور سنتين مثلاً، يمكن طرحها لاكتتاب الجمهور، ولا مانع ان تكون قيمة السهم حينها اكثر من دينار وفق تقييم الخبراء وقوى السوق، كونها رابحة لها نشاط على الارض لا على الورق.
يمكن ان يكون هناك استثناء بحيث تدرج قبل طرحها للاكتتاب، شرط ان تكون المساهمة فيها مقتصرة على المستثمرين المؤهلين من غير الافراد، اي الاشخاص الاعتباريين مثل البنوك و المؤسسات المالية، وصناديق التقاعد والاستثمار، وربما الحكومة و شركاتها لكن دون حصص مؤثرة حتى لا تدير.
هذه الجهات هي خير ضمان ان المشروع ذو جدوى وعائد جيد ،كونها لن تقدم على المغامرة بمالها الا وفق دراسات دقيقة، تتوخى الحذر وتحرص على الربحية لملاكها ولمودعيها ، وبعد مدة من حسن الاداء وتحقيق الارباح تستطيع الشركة ان تطرح اسهمها للاكتتاب العام .
الخلاصة تأسيس الشركات العامة، لا يصح الا ممن يتحملون وحدهم مسؤولية استثمارهم، فإن نجحت بعد سنين معدودة فمرحباً بالاكتتاب والادراج ، والا تبقى خارج البورصة تتداول بينهم ، او تدرج اذا كانت قائمة المساهمين مقتصرة على اشخاص اعتباريين مؤهلين ثقات ، حريصين على الجدوى و على العائد المناسب لأموالهم