لم يكن اي منا يتخيل في يوم من الأيام ان طغاة و طواغيت الوطن العربي الذين يتحكمون بمقدرات شعوبهم التي اعياها شبح الجوع والظمأ وذاقت لسعات الفقر ومرارة البطالة وتزاحمت امام اعين شعوبها اطياف الفساد لحكام طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد انهم يمتلكون اكثر من بضعة ملايين امام شعب جائع.
فعلى الرغم من فسادهم وطغيانهم إلا اننا لم نكن نتوقع أنهم يمتلكون هذه الثروات وتلك المليارات تتقاطر او تتكدس في بنوك أمريكا وأوروبا وهم بذات الوقت يذرفون دموع التماسيح حزنا والما على احوال شعوبهم التي اذلها الفقر والبؤس .
لم يكن اي منا يعلم السر القابع خلف التصاق مؤخراتهم المهترئة بكراسي الرئاسة لعقود وعقود واستحالة قيامهم بانتخابات حرة للرئاسة قد تنحيهم عن كرسي الخلود وتعزلهم عن عروشه الأبدية ولم نكن نفهم حقيقة إصرارهم على توريث الرئاسة سوى أنها غريزة حب الزعامة واتساع النفوذ ولم نكن ندرك ان اموالا تنهب ومليارات تجمع على حساب دماء وجيوب وكد وتعب والام ومعاناة شعوب طال ليلها وامتد جوعها وتعمق جرحها واشتد أنينها!
لم نكن نعلم ان التنحي عن كرسي الرئاسة هي اشد وطأً وأقوم انتزاعاً للروح عن الجسد ولم نكن نتوقع ان التمسك بالكرسي أعظم شأنا واشد حرمة من دماء آلاف المواطنين التي تراق ظلما وعدوانا وفي سبيله تهون أبشع المجازر .
صراع عنيد من اجل الخلود في السلطة وجمع المليارات بلا كلل او شبع لتوريثها ربما لمائة جيل قادم... لا دفاعا عن الوطن ولا ذودا عن الأرض والعرض!
زلزال تونس تحول إلى مد تسونامي جماهيري في ثورة حرية الشعوب لينهي عهدا من الظلم والبطش وفصلا من استبداد الشعوب وليكشف عورات الزعماء العرب القبيحة ويميط القناع عن وجوههم الكالحة.
مليارات باتت تتكشف تباعا لتكشف معها كذب وخديعة هؤلاء الطغاة لشعوبهم من زين الهاربين الى المخزي مبارك الى عارض الأزياء ابو خيمة زنقة وما خفي كان ادهى واعظم والحبل على الجرار!
سلاطين رئاسية بداخلها شياطين إنسية تحسن التمثيل وتتقن فنونه المختلفة فتلبس أثواب الفضيلة وقناع الملائكة وهي تلقي على شعوبها الخطب و المواعظ و تعتقد انها تهديهم الى سبيل الرشاد بعد ان سلبت ما سلبت ونهبت ما نهبت وكبحت إرادة الشعوب وقمعت افكارهم وكممت افواههم وحكمتهم بالنار والحديد وهي بذات الوقت تبكي أحوال شعوبها وتخرج عليهم بثوب الواعظين!
المكرمات القادمة من الأنظمة حُجبت عن شعوبها منذ عقود لتخرج من مخبئها في هذه الأوقات بالذات وتغدق على المواطبين بكرم غير محدود وسخاء غير معهود وهي تعزف الحان الخوف المرعود وايقاع الفزع الممدود وانغام إسترضاء لم يكن له وجود ليس حبا بهم بل رهبا وخوفا من زلزال قادم هز عروشهم وأرعد ركبهم وبات يدنو صوب قصورهم التي إذا ما أدركها فلن يذرها إلا قاعا صفصفا..
زلزال تونس ستتوالى هزاته الارتدادية المتعاقبة لتهز عروش السلاطين الطغاة وتقوض اركانهم التي بدأت تتداعى وهي ترى شعوب العالم العربي تمور مورا من المشرق الى المغرب تحمل شعارا واحدا الشعب يريد اسقاط النظام فقد اظهر زلزال تونس ان وراء كل مواطن فقير حاكمٌ فاسد.. وحاكم سارق.. وحاكم ناهب.. وحاكم ظالم ..وحاكم مستبد !
ايها الزعماء: لقد انجلى الليل.. وانقشع الظلام ..وانكسرت القيود .. واسدل ستار الخوف والخنوع...
فاعلموا ان رياح التغيير قد هبت ولا ممسك لها...
ايها الزعماء إرحلوووووووووا ...فقد فهمتمونا متـأخرين!