مكافحة الفساد في أية دولة ليست مهمة الحكومة فقط، وانما مهمة السلطات جميعها والمجتمع والصحافة. وتنص المادة 13 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها الأردن بقانون نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 4669 تاريخ 1 /8/ 2004: تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة، ضمن حدود إمكاناتها ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، لتشجيع أفراد وجماعات لا ينتمون إلى القطاع العام، مثل المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المحلي، على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته.. بتدابير مثل:
أ- تعزيز الشفافية في عمليات اتخاذ القرار وتشجيع إسهام الناس فيها؛
ب- ضمان تيسّر حصول الناس فعليا على المعلومات؛
ج- القيام بأنشطة إعلامية تسهم في عدم التسامح مع الفساد، وكذلك برامج توعية عامة تشمل المناهج المدرسية والجامعية؛
د- احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها.
وهنا كأدوار معروفة للصحافة في رفع الوعي العام بقضايا الفساد ولا أقصد التطرق اليها إنما سأتطرق إلى الدور المباشر للصحافة وخاصة الاستقصائية في كشف الفساد.
حتى في دولة ديمقراطية مثل بريطانيا تلعب الصحافة دورا مهما في مكافحة الفساد.
وفي عام 1994 كشفت صحيفة صندي تايمز البريطاينة عن أن أعضاء بمجلس العموم كانوا يقبلون رشاوى بالف دولار مقابل إثارة اسئلة معينة في البرلمان.
وفي العقدين الماضيين كانت الصحافة سبب استقالة معظم الوزراء في بريطانيا.
وعام 2009 كشفت صحيفة ديلي ميل عن مصروفات غير قانونية
لأول وزير داخلية لبريطانيا جاكيسميث، منها فاتورة بما يعادل 15 دينارا ثمن مشاهدة زوجها فيلمين إباحيين على محطة بث بالكيبل مدفوعة الثمن.
آنذاك بادر عدد من النواب إلى إعادة ما يعادل مليوني دينار من تعويضات مصروفاتهم. كما استقال أيضا رئيس مجلس العموم البريطاني مايكلمارتن، لفشله أخلاقيا في عدم ضبط المصروفات.
ثم جاء ديفيد بلانكيت أول وزير داخلية أعمى لبريطانيا، وهو كفيف منذ الولادة. وبعد كشف الصحافة عن استخدام نفوذه لتسريع معاملة الإقامة لخادمة فيلبينية لعشيقته، إضطر للاستقالة.
مثل هذه القصص ساهمت في تخفيف الفساد وحصاره وتحجيمه وعدم زيادته.
صحيح أن الفساد موجود في مختلف الدول لكن الفرق أن نسبة احتمال كشف الفاسد في الدول الديمقراطية ومعاقبته أكثر مما هي في الدول غير الديمقراطية.
وهناك دراسات اثبتت وجود علاقة عكسية بين حرية الصحافة والفساد؛ فكلما زادت حرية الصحافة يقل الفساد وكلما كانت الصحافة غير حرة يزيد الفساد.