مهما كتبنا، فالقلم لا يفي النسر الاردني البطل معاذ الكساسبة حقه، لانه باختصار فدا الاردن وشعبه وعرشه من اجل امنهم واستقرارهم.
وحربنا على داعش، ليست نزهة وانما مصير ومستقبل. فهي مع عدو تغطى بالاسلام، ومارس من الارهاب ما لم اسمع اماما عالما ايده، او قدمه بانه الحل المقبل للامة.
والحرب في المعنى الاستراتيجي، خطط وعمليات وتضحيات. ولما لبى الطيار الملازم الكساسبة النداء، كان في مد بصره وهو يقود طائرته اهدافا يصدر منها ذلك الدمار والعنف والارهاب الذي اكل الجارين السوري والعراقي ويحاول ان يصل الى الاردن ليأكل الاخضر واليابس. ومن شاهد صور اسر طيارنا البطل يدرك تماما بان من وقع بين يدي تنظيم داعش « صقر» مقدام لا يخشى بالحق لومة لائم.
القدر، اراد لهذا النشمي الاردني ان يكون سببا لامتحان وحدتنا وانتمائنا وولائنا في هذا الوقت العصيب، وان يكون اسيرا في حرب فرضها الارهاب الذي قتل عشرات الابرياء في فنادق عمان وبعدها اغتيال دبلوماسي اجنبي ضيف على ارضنا ومحاولة حصد الاف الارواح في تفجير مولات تجارية واماكن عامة احبطها بواسل اجهزتنا الامنية بكل براعة ومهنية والتي لم تسلم ايضا من الاستهداف لانها سر استتباب امننا وتعزيز استقرارنا.
ومنذ لحظة اسر نسرنا الكساسبة والدولة بدءا من سيدها وراعيها جلالة الملك عبدالله الثاني وقواتنا المسلحة الباسلة واجهزتنا الاستخبارية تواصل الليل بالنهار لاطلاق سراح ابن الاردن من شماله الى جنوبه ومن غربه الى شرقه لا بل ابن الامة العربية التي لم يتوان ابناؤها عن الابتهال لله لفك كربته. وفي يد القائمين على مهمة الاتصال والتواصل من اجل الافراج عن الكساسبة تلك الاوراق التي تجعل في الاطار العملياتي للقضية ان المسألة لا تحتاج الا لبعض الوقت.
ولان ما يملكه الاردنيون في محنة ابنهم الا الدعاء وتوحيد الصفوف، فان ما راح اليه الاخوان المسلمون الجمعة الماضية في مسيرتهم التنظيمية عزز انسلاخهم عن ابناء وطنهم الذين تضامنوا مع الطيار الكساسبة في عشرات الوقفات الشعبية لان اطلاق سراحه الآن همهم وحلمهم ولانه اغلى من الغاز الاسرائيلي ومن نفط العالم باسره.
وحقيقة ان ما اقدم عليه الاخوان امام المسجد الحسيني جريمة سياسية يجب ان يحاكمهم الشعب عليها. والسبب انهم ليسوا فقط تنصلوا من قضية التضامن مع معاذ الكساسبة وانما ابطال كارثة الطاقة التي عاشتها البلاد طوال السنوات الماضية نتيجة انقطاع الغاز المصري بقرار من اخوانهم في مصر ومن رئيسهم المخلوع محمد مرسي.
والغاز الاسرائيلي اتخذ مجلس النواب موقفه بشأنه، والحكومة لم توقع الاتفاقية الخاصة بشأنه لانها تبحث عن البدائل، ولذلك فالاحتجاج على الغاز قابل للتأجيل، ما دام ان الوطن يعيش باسره ازمة البطل معاذ.
وسؤالي لمن احتشدوا بعد صلاة ظهر الجمعة الماضية، اين كنتم يوم فجر انبوب الغاز المصري الممتد الى الاردن؟، واين كان الاردن الذي « اطرمتم « اذانا بكاء عليه وعلى مستقبله عندما «طبلتم وزمرتم « وفتحتم سراديق تقبل التهاني بفوز اخوانكم في مصر بكرسي الحكم؟، الم يكن الاردن الولاية الرابعة بعد تونس ومصر وسوريا لحكم الاخوان المسلمين؟. واليس الحاكم محمد مرسي والتنظيم من خلفه قطعوا الغاز عن الاردن حتى يضغطوا على عمان ويعطيكم الاغلبية في مجلس النواب لتشكيل الحكومة والسيطرة على صناعة القرار؟.
وهل تعتقدون ان معارضتكم للتطبيع لا زالت بضاعة رائجة بعد خطاب زعيمكم المخلوع محمد مرسي لنظيره الإسرائيلي شمعون بيريز
بـ «صديقي الحميم».
وما تلك التناقضات التي تعيشونها منذ فترة، تقاطعون الانتخابات والبرلمان الاردني لانه غير شرعي، وتدقون بابه وتجلسون مع رئيسه لان مصلحتكم اقتضت ذلك؟.
وحتى بيانكم من اجل الطيار الكساسبة، هل تعلمون انه اوقعكم بالمحظور وزاد من شكوك تنسيق تنظيمكم الدولي مع تنظيمات الارهاب في كل مكان، لانكم طالبتم داعش بان تعامل الاسير الاردني البطل بمعاملة الاسلام فقط دون ادانة ودون اي موقف يؤكد انكم عدتم الى رشدكم الوطني.
الاردنيون لم ينسوا يا معارضي الغاز الاسرائيلي تهديدات قياداتكم من ميدان رابعة العدوية في مصر بانه اذا خلعوا من الحكم سيحولون مصر الى جهنم، فما يجري في سينا منذ ذلك التاريخ وما تشهده مصر من عمليات ارهابية يؤكد ان الامر لم يكن تنسيق فقط وانما تخطيط وتدبير تم في عتمة ليل.
ايها الاخوان، الغاز الاسرائيلي اصبح فعل ماضي ناقص، فما يهم الاردنيون الان وغدا وبعد غد، عودة « معاذ الى الدار».