المسؤولون والمعلقون الاقتصاديون منشغلون بحساب الأرباح والخسائر الناشئة عن انخفاض الأسعار العالمية للبترول، وتختلف الأرقام التي يخرجون بها من مصدر إلى آخر ، وكلها تقريبية قد تصح وقد لا تصح لأنها تعتمد على فرضيات مستقبلية غير مؤكدة.
حتى لو كانت هذه التقديرات (الجزافية) محسوبة بدقة فإنها لن تصمد طويلاً لأن الأسعار العالمية للبترول متحركة ، ترتفع ثم تنخفض أو بالعكس ، ولا يستطيع أي عبقري أن يتنبأ باتجاهها بعد يوم أو شهر ناهيك عن سنة بأكملها.
الأرباح والخسائر التي يخرج بها هؤلاء تمثل مقارنة بين الوضع القائم وما كان عليه في السابق ، أي بين أن يكون سعر البرميل 110 دولارات أو 70 دولاراً.
من الواضح أن الأردن سيكون رابحاً إذا استقر السعر الحالي للبترول لأنه بلد مستورد يدفع حوالي 17% من ناتجه المحلي الإجمالي لتسديد ثمن مستورداته من البترول الخام والمشتقات النفطية ، وقد يكون الربح القائم في حدود الثلث أو أكثر من مليار دينار في السنة.
إذا تحقق هذا الربح ، فسوف يتم توزيعه بموجب قوى السوق الطبيعية بين العائلات والقطاعات الاقتصادية كالصناعة والنقل والسياحة ، أما الخزينة فقد تكون في الجانب الخاسر إذا بقيت الضريبة على البنزين محسوبة كنسبة من الثمن وليست مثبتة حسب الكميات.
في الجانب العكسي فإن انخفاض الكلفة يغري بزيادة الاستهلاك وربما الإسراف، مما يخفض الربح المقترح أعلاه ، وإذا كان استهلاك الطاقة في الأردن ينمو سنوياً بنسبة تقارب 7% ، فإن التخفيض قد يرفع نسبة النمو في العام القادم إلى 10%.
نتائج انخفاض أسعار البترول لا تقف عند الأرباح أو الخسائر التي قد يحققها هذا الطرف أو ذاك ، بل تصل إلى عدد من الموازين المالية والاقتصادية فتؤثر فيها بالاتجاه المرغوب فيه ، فالعجز في الميزان التجاري سوف يتقلص بسبب انخفاض قيمة المستوردات من المواد البترولية ، مما يخفض العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات ويخفف الضغط على احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية.
انخفاض كلفة المحروقات لا يعني بالضرورة انخفاض أسعار السلع والخدمات في السوق ، فالأسعار تأخذ اتجاهاً واحداً هو الثبات أو الارتفاع ، وقلما يخفض البائع سعره لانخفاض كلفته.