التفاؤل يهيمن على عدد من النواب، مع الإعلان، قبل ثلاثة أيام، عن ائتلاف نيابي يضم قرابة 82 نائباً، من خمس كتل رئيسة في مجلس النواب. وهو الائتلاف الذي من المفترض أنّه أصبح يمثّل الأغلبية النيابية تحت القبة، و"الشريك النيابي" الذي يعقد التفاهمات والصفقات مع الحكومة.
يطمح بعض أعضاء الائتلاف إلى أن يشكّل هو الحكومة البرلمانية المنتظرة، بعد رحيل حكومة د. عبدالله النسور. ولم يُخف رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، وهو أحد مهندسي هذه الفكرة، وجود اتصالات ونيّة لتأسيس حزب سياسي يمثل هذا الائتلاف خارج القبة!
أحاول أن أجاري النواب وبعض المراقبين في هذا التفاؤل، إلا أنني أجد صعوبة في ذلك. ولكي لا أبدو متشائماً أو مثبّطاً، فهناك عدد محدود من الأسئلة التي أظنّها بدهية، أطرحها عليهم للتفكير فيها معاً، وربما تساعد على تطوير هذا "الكائن" الهلامي الجديد.
أولاً، وقبل كل شيء، أجد صعوبة في فهم وإدراك القاسم المشترك بين الكتل النيابية وأشخاصها، سياسياً أو أيديولوجياً أو حتى برامجياً؛ فمن الوسط الإسلامي إلى تمكين، نحو وطن والاتحاد الوطني ووفاق المستقبل، لا أقرأ خطاباً سياسياً مشتركاً واضحاً يجمعها معاً، بل إن هناك كتلا لا تجد قاسماً مشتركاً بين أعضائها أو خطاباً محدداً لها!
ما هو المعيار الذي تأسس عليه هذا "اللقاء النيابي"؛ هل هو مجرد تشكيل ائتلاف أغلبية، أم تشجيع من أطراف في الدولة، أم برنامج سياسي توافقي عميق؟ لأنّ مثل هذا المعيار مهم في توحيد مواقف أعضاء الائتلاف وكتله من القضايا العديدة التي تطرح عليهم اليوم، وفي ضمان تماسكه مستقبلاً وعدم انفجاره عند أي منعطف، بخاصة توزيع المناصب وتقسيم كعكة المكتسبات.
إذا كان الائتلاف سيتشكل ويترك غداً الحرية لأعضائه في اتخاذ موقف من قضايا عديدة شائكة، فهو ائتلاف اسمي موسمي لا قيمة حقيقية له، كما هي حال العديد من الكتل الشكلية. وهو ما سيحدث في تقديري، وفي ضوء التجارب السابقة، مع غياب أطر سياسية أو برامجية توافقية بين أعضائه وكتله.
ثانياً، الائتلاف يسعى إلى أن يحل محل "المبادرة النيابية" في الشراكة مع الحكومة. لكن "المبادرة"، وعلى النقيض من الائتلاف، قامت على أساس برامجي واضح، خارج سياق العلاقات الشخصية، وقدّمت برامج عمل متكاملة، وفرضت على الحكومة القبول بها، ولو رسمياً على الأقل، وحافظت على جزء كبير من تماسكها. فهل يملك الائتلاف مشروعات توافقية مدروسة شبيهة بذلك! ولا نتحدث هنا عن تعديلات معينة محددة، بل عن أطر عامة تتدخل في تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما فعلت "المبادرة".
يميل الائتلاف إلى تعريف هويته السياسية بأنّه "لا مع الحكومة ولا ضدها". لكن هذا لا ينطبق على كتله وأعضائه؛ فهناك نسبة كبيرة منهم في جيب الحكومة، أو الدولة عموماً، فسيكون أقرب إلى الطابع المحافظ سياسياً، وركيزة لترتيب البيت الداخلي لمجلس النواب لتجنب جزء من الفوضى والارتباك اللذين حدثا خلال العام الماضي. لكن حتى هذا التفكير الثاوي وراء فكرة الائتلاف لا أظنه سينجح، لصعوبة ضبط الأعضاء الجدد!
ثمّة أجزاء كبيرة من الفكرة ودوافعها تمّ تجريبها سابقاً بصورة وصيغة مختلفتين بدرجة ما، مع كتلة التيار الوطني في المجلس السابق، ومع حزب التيار نفسه خارج القبة. فتلك الكتلة كانت تمتلك الأغلبية، لكنّها أغلبية شكلية، ولا تصل إلى درجة الاستقلال الحقيقي لتشكيل حكومة برلمانية.
وفيما تأسس حزب التيار الوطني بدعم وإسناد من الدولة لملء الفراغ في الحياة السياسية و"تنظيم صفوف الأكثرية" المفترضة، عانى نفسه من التكسير والتهميش من الدولة نفسها، فمن يضمن عدم تكرار ذلك!
يطمح بعض أعضاء الائتلاف إلى أن يشكّل هو الحكومة البرلمانية المنتظرة، بعد رحيل حكومة د. عبدالله النسور. ولم يُخف رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، وهو أحد مهندسي هذه الفكرة، وجود اتصالات ونيّة لتأسيس حزب سياسي يمثل هذا الائتلاف خارج القبة!
أحاول أن أجاري النواب وبعض المراقبين في هذا التفاؤل، إلا أنني أجد صعوبة في ذلك. ولكي لا أبدو متشائماً أو مثبّطاً، فهناك عدد محدود من الأسئلة التي أظنّها بدهية، أطرحها عليهم للتفكير فيها معاً، وربما تساعد على تطوير هذا "الكائن" الهلامي الجديد.
أولاً، وقبل كل شيء، أجد صعوبة في فهم وإدراك القاسم المشترك بين الكتل النيابية وأشخاصها، سياسياً أو أيديولوجياً أو حتى برامجياً؛ فمن الوسط الإسلامي إلى تمكين، نحو وطن والاتحاد الوطني ووفاق المستقبل، لا أقرأ خطاباً سياسياً مشتركاً واضحاً يجمعها معاً، بل إن هناك كتلا لا تجد قاسماً مشتركاً بين أعضائها أو خطاباً محدداً لها!
ما هو المعيار الذي تأسس عليه هذا "اللقاء النيابي"؛ هل هو مجرد تشكيل ائتلاف أغلبية، أم تشجيع من أطراف في الدولة، أم برنامج سياسي توافقي عميق؟ لأنّ مثل هذا المعيار مهم في توحيد مواقف أعضاء الائتلاف وكتله من القضايا العديدة التي تطرح عليهم اليوم، وفي ضمان تماسكه مستقبلاً وعدم انفجاره عند أي منعطف، بخاصة توزيع المناصب وتقسيم كعكة المكتسبات.
إذا كان الائتلاف سيتشكل ويترك غداً الحرية لأعضائه في اتخاذ موقف من قضايا عديدة شائكة، فهو ائتلاف اسمي موسمي لا قيمة حقيقية له، كما هي حال العديد من الكتل الشكلية. وهو ما سيحدث في تقديري، وفي ضوء التجارب السابقة، مع غياب أطر سياسية أو برامجية توافقية بين أعضائه وكتله.
ثانياً، الائتلاف يسعى إلى أن يحل محل "المبادرة النيابية" في الشراكة مع الحكومة. لكن "المبادرة"، وعلى النقيض من الائتلاف، قامت على أساس برامجي واضح، خارج سياق العلاقات الشخصية، وقدّمت برامج عمل متكاملة، وفرضت على الحكومة القبول بها، ولو رسمياً على الأقل، وحافظت على جزء كبير من تماسكها. فهل يملك الائتلاف مشروعات توافقية مدروسة شبيهة بذلك! ولا نتحدث هنا عن تعديلات معينة محددة، بل عن أطر عامة تتدخل في تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما فعلت "المبادرة".
يميل الائتلاف إلى تعريف هويته السياسية بأنّه "لا مع الحكومة ولا ضدها". لكن هذا لا ينطبق على كتله وأعضائه؛ فهناك نسبة كبيرة منهم في جيب الحكومة، أو الدولة عموماً، فسيكون أقرب إلى الطابع المحافظ سياسياً، وركيزة لترتيب البيت الداخلي لمجلس النواب لتجنب جزء من الفوضى والارتباك اللذين حدثا خلال العام الماضي. لكن حتى هذا التفكير الثاوي وراء فكرة الائتلاف لا أظنه سينجح، لصعوبة ضبط الأعضاء الجدد!
ثمّة أجزاء كبيرة من الفكرة ودوافعها تمّ تجريبها سابقاً بصورة وصيغة مختلفتين بدرجة ما، مع كتلة التيار الوطني في المجلس السابق، ومع حزب التيار نفسه خارج القبة. فتلك الكتلة كانت تمتلك الأغلبية، لكنّها أغلبية شكلية، ولا تصل إلى درجة الاستقلال الحقيقي لتشكيل حكومة برلمانية.
وفيما تأسس حزب التيار الوطني بدعم وإسناد من الدولة لملء الفراغ في الحياة السياسية و"تنظيم صفوف الأكثرية" المفترضة، عانى نفسه من التكسير والتهميش من الدولة نفسها، فمن يضمن عدم تكرار ذلك!