..طالما ان موضوعة غاز شرقي المتوسط، لا تصل الى «الحالة العقائدية» في تحرير فلسطين، فان النقاش لا يهم الكثيرين لان القضية اقتصادية: يحسبها، ويقررها الاقتصاديون .
صفقة غاز شرقي المتوسط، ستشمل مصر والسلطة الوطنية الفلسطينية، وقد لعب كما كنا نعرف وزير الخارجية الاميركية كيري دوراً هاماً لأن الشركة التي تملك منشآت الغاز هي شركة اميركية.. تملك شركة تسويق فرعية هي التي تتولى المباحثات والتوقيع وكل شيء .
والغاز يمكن ان يتحول الى اداة سياسية في اي وقت، فحين باعت مصر لاسرائيل (والاردن) الغاز المنتج في حقولها.. أقام المعارضون المصريون القيامة، .. لا لأنها باعت لاسرائيل «العدو»، وانما لأنها باعت بأسعار قليلة وراءها فساد وحتى حين برأ القضاء الرئيس الأسبق مبارك من هذه التهمة بالذات، فان «قصة الغاز» لم تتوقف في الماكنة الدعائية، مع ان السعر كان وقتها سعراً مقبولاً عالمياً..
..الآن ستشتري مصر غازاً من شرق المتوسط، وستستعمل خط الغاز ذاته الذي بقي سالماً، في حين ان الجزء المتجه الى العقبة تم تدميره ثماني عشرة مرة .
والآن ستشتري السلطة ايضاً، مع ان بحر غزة فيه غاز هو غاز فلسطيني، لأنه يقع في الواجهة البحرية الفلسطينية، وهناك تعقيدات في استغلاله ليس مكانها في هذه العجالة، فلماذا يريد بعض نوابنا المحترمين ان يربطوا قضية اقتصادية بقضية الحق الفلسطيني.. اذا كان هذا الربط يبقى في الحدود الكلامية التي نجترها منذ قرن من الزمان؟ .
.. لولا هذه التجارة بالعروبة وتحرر فلسطين التي قارفها النظام السوري منذ الانقلاب الأول عام 1949، لكان الغاز السوري او اللبناني هو سيد السوق العربي، ولكن ما العمل الآن، اذا هيمنت الشركات الاميركية بدفع اسرائيلي واضح على غاز الجزء الشرقي من المتوسط، واذا كان الاصدقاء القبارصة مستعدون للتعاون معنا فذلك جيد ضمن حسابات الزمن.
فقبرص اليونانية مرتبطة بحل تصالحي مع قبرص التركية اذا كانت القضية قضية حقوق الواجهة البحرية، وقبرص اليونانية لا تملك ان تمد خطوطا للغاز عبر اسرائيل او عبر لبنان او عبر غزة لتصل الينا. اما اذا كانت تريد بيعنا غازا سائلا فان عليها ان تستثمر المليارات لتسييل الغاز وبيعه عبر سفن ناقلة مخصصة لهذا النوع من التجارة، وهذا يضعنا امام 2022.
كل شيء يمكن حسابه اذا فصلنا القضية العقائدية وتحرير فلسطين عن صفقة الغاز وتوقيع اتفاقية شراء مع الشركة الاميركية المستثمرة، اما اذا قررنا ان الوقت حان لتحرير فلسطين فإننا يمكن ان نغلق الانبوب الذي يوصل الغاز الى حدودنا، فهو لا يعيق الزحف المقدس.