"نادولي الصحافيين" متلازمة يرددها مسؤولون ومدراء مؤسسات رسمية وخاصة، على اعتبار ان الصحافيين من "أثاث البيت" وجزء مكمل للديكور كلما زار مسؤول مؤسسة ما، او وقع مدير اتفاقية مع جهة اخرى، وهي اتفاقيات كثيرة، لا تسمن ولا تغني الصحافة والاعلام من جوع.
نظرة المسؤول او المدير لعمل الصحافي لا تزال محصورة في نقل صورته وتصريحه الى المؤسسة التي يعمل بها، بحيث يعتقد ان مندوب الصحيفة او الجهة الاعلامية المكلف بتغطية اخبار مؤسسته جزء من فريق العلاقات العامة والاعلام التابع له، ويغضب إن لم يقم بنشر صورته مع توقيع كل اتفاقية او قص شريط.
المسؤول ذاته اذا طلب منه الصحافي معلومات لتقرير او تحقيق مكلف به من قبل ادارة مؤسسته الصحافية او الاعلامية فانه يتمنع عن اعطاء اية معلومة لا تناسب سيادته، ويحاول ابعاد الصحافي عن القطاع الذي يقوم بتغطية اخباره ونشاطاته ان كان الصحافي من النوع المشاغب.
قبل سنوات ــ على سبيل المثال ــ قام مدير الامن العام او الدفاع المدني بزيارة الى مديرية الاسناد وكان فريقهما الاعلامي يرسل خبرا وصورة، واذا تفقد رئيس الجامعة الاردنية احوال المكتبة واطلع على الجديد فيها يرسل خبرا وصورة.
حتى الآن، اذا زار سفير دولة ما أي وزير واستمع منه عن عمل وزارته وسبل التعاون معه يتم ارسال خبر وصورة، واذا وقّعت مؤسسة او دائرة ما مذكرة تفاهم مع سفارة، او جهة ممولة ترسل خبرا وصورة بعد ان تفشل في جلب الصحافيين للمناسبة.
هذا الشكل من الاعلام انتهى، وهو غير مفيد للمسؤول الذي يعشق رؤية صوره في وسائل الاعلام، وخاصة الصور التي تنشر بكثافة لمسؤولين يوزعون دروع مؤسساتهم على الضيوف، او الذين يرسلون نص كلماتهم الى وسائل الاعلام في اية احتفالية يقومون بها، كما انها غير مفيدة لوسائل الاعلام لانها اخبار خاصة لا يستفيد منها العموم.
قد يستوعب الاعلام الالكتروني والاجتماعي اخبار العلاقات العامة، لكن الاعلام الورقي الجاد لا يمكن ان يستوعب الكم الهائل من هذه الاخبار.
في فنادق عمان والبحر الميت الآن عشرات ورش العمل والتدريب والمؤتمرات وجلسات العصف، واجتماعات التمكين، ولقاءات المؤسسات المتشابكة والمتحالفة على محاربة الفساد، وتمكين المرأة وحقوق الانسان والطفل، واوضاع اللاجئين السوريين، والاعلام وغيرها من العناوين التي تلقى رواجا ومشترين اوروبيين يدفعون ثمن اقامات الوفود، وتكاليف المؤتمرات، ومكافآت المشاركين، وسياح المؤتمرات، وبدل جهد القائمين على هذه الاعمال والنشاطات، من دون اغفال الاصدقاء والاقارب اعضاء الهيئة المشرفة على هذه المؤسسات.
لقد تغير العالم ولم نتغير، وتغير الاعلام وتطور ولم ينعكس ذلك علينا كثيرا، لاننا بحاجة جميعا الى عنصر التغيير في طريقة التفكير.