يرتفع عجز الموازنة العامة عاماً بعد آخر، ومن المتوقع أن يصل العجز هذه السنة إلى مليار دينار على الأقل، يضاف إليها كلفة دعم الكهرباء والماء البالغة مليار دينار أيضاً لم تسجل ضمن النفقات الجارية في الموازنة باعتبار أنها مجرد سلف وكفالات، مما يرفع العجز الكلي الحقيقي إلى مليارين من الدنانير أو 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة عالية جداً وتنذر بالخطر,
مع ذلك فإن هناك من يتحدث ليس عن تخفيض العجز في الموازنة فقط، بل عن تخفيض المديونية أيضاً، مع أن المؤشرين في حالة تصاعد بالرغم من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يشرف عليه صندوق النقد الدولي.
والواقع أن تخفيض العجز -إذا حصل- لا يعني تخفيض المديونية، فطالما أن هناك عجزاً، مهما كان حجمة، فإن المديونية سترتفع بنفس المقدار، وما لا يمكن تمويله من الإيرادات المحلية أو المنح الخارجية لا بد أن يتم تمويله بالاقتراض، وبالتالي يواصل الدين العام حالة الارتفاع.
تخفيض المديونية ممكن فقط عندما تحقق الموازنة العامة فائضاً وبذلك تتوقف الخزينة عن الاقتراض وتستخدم الفائض لتخفيض المديونية. لكن احتمال تحقيق فائض في الموازنة غير وارد في المستقبل المنظور، ولو أن الاجندة الوطنية اجترحت سيناريو مالي يتم بمقتضاه تحقيق فائض في الموازنة خلال سبع سنوات ولكن الأمور سارت بعكس ما قصدته الأجندة الوطنية.
خلاصة هذا التحليل أن الأردن لن يسدد ديونه، وأنه سيواصل تسديد ما يستحق بقروض جديدة بمبالغ أكبر وبالتالي تواصل المديونية الاتجاه الصعودي.
لكي نكون واقعيين يجب أن نتجنب شعار تخفيض المديونية بالأرقام المطلقة، يكفي أن نستهدف انخفاضها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بمعنى أن تستقر المديونية أو تستمر في الارتفاع ولكن بنسبة تقل عن نسبة النمو الاقتصادي بمقياس الناتج المحلي الإجمالي.
شئنا أم أبينا، ستواصل المديونية الارتفاع، ولكن المأمول أن تنخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بالتدريج، الامر الذي يتطلب نمواً اقتصادياً لا يقل عن 5-6 بالمائة، مقابل ارتفاع المديونية بنسبة لا تزيد عن 2-3 بالمائة.
السؤال ليس متى نسدد بل هل نسدد الديون؟.