يدور جدل في أوساط المواطنين وجمهور المستهلكين حول حيادية اسعار السلع والخدمات جراء انخفاض المنتجات البترولية (المحروقات) الذي يقدر محليا بنسبة 12% تقريبا خلال الخمسة أشهر الماضية، علما بأن الانخفاض في الاسواق الدولية بلغ ( 35 الى 40 ) في المائة، فالمواطنون كانوا يترقبون تخفيض اجور نقل الركاب العام المختلفة، الا ان هيئة النقل البري قررت عدم تخفيض الاجور استنادا الى ان انخفاض المشتقات البترولية بخاصة الديزل والبنزين لم يبلغ الحد الكافي لتخفيض اجور نقل الركاب، وقدرت الانخفاض المؤثر لاسعار الديزل والبنزين بنسبة 20%، ويقينا ان هذا لن يتحقق في ضوء معادلة احتساب اسعار المحروقات التي تعمل بموجبها لجنة الاسعار الحكومية، وربما يتحقق في حال انخفاض سعر برميل النقط الى( 50 الى 55 ) دولارا لمزيج برنت.
والامر ذاته يتكرر بالنسبة لاسعار السلع والخدمات الاساسية وغير الاساسية، إذ يقول تجار ان عملية اعادة التسعير تحتاج لاشهر لحين تصريف المخزون الذي تم بناؤه باسعار عالية، وبناء مخزون جديد باسعار اقل، بالاضافة الى ان اسعار الطاقة الكهربائية لن تنخفض، ومن المؤكد ان ترتفع في بداية العام 2015 حسب بنود خطة الحكومة وبرنامج التصحيح الاقتصادي، حيث وضعت الحكومة بالتشاور مع صندوق النقد الدولي برمجة رفع اسعار الكهرباء سنويا بنسبة 15% سنويا للوصول الى تخلص الحكومة من خسائر شركة الكهرباء الوطنية ( nepco ) مع نهاية فترة البرنامج.
هذه المبررات غير مقنعة، وهي شكل من اشكال تعطيل آليات السوق، وسببها الرئيسي السياسات المالية ( الضريبية ) وهي تنكُر للحرية الاقتصادية وتحرير الاسواق بشكل مباشر، علما بأن الاقتصاد الاردني شهد في السنوات الماضية سياسات تحرير القطاعات الاقتصادية من بنوك واتصالات وتجارة وعقار وخدمات، الا ان الحكومات عادت الى المركزية في الاقتصاد وتمسكت بأهم قطاع هو النفط والطاقة وهو محرك رئيسي في التنمية، وله مضاعفات اقتصادية كبيرة.
من حق المالية العامة ان تحصل على نصيبها من هذا القطاع على شكل ضرائب ورسوم كما بقية القطاعات الاقتصادية، اما بتحديد مبلغ عادل منذ بداية العام المالي سواء ارتفع او انخفض النفط ومنتجاته، او فرض ضريبة او وعاء ضريبي لهذا القطاع بنسبة معلنة ترتفع وتنخفض تبعا لاسعار فواتير استيراد النفط والمنتجات البترولية، وفي كلتا الحالتين على الحكومة ان تخرج من هذا القطاع وتكتفي بالتنظيم والرقابة كما في بقية القطاعات... اما ان تضع قدم في الركاب والقدم الاخرى على الارض وتدعي بتحرير القطاع امر غير مألوف....تعطيل آليات السوق اصعب قرار يتخذ في قطاع النفط والطاقة.