حقيقة الانقلاب في 3 يوليو، والمظاهرات التي سبقته يوم 30 يونيو كانت واضحة لنا تماما ولكل ذي لب، بأنها كانت مجيرة لصالح النظام السابق، الذي ثارعليه الشعب المصري وجرّمه في 25 يناير، ولكن الكثيرين وللأسف وقعوا ضحية خديعة كبرى وتضليل اعلامي هائل، حيث توهموا أنها ثورة على ما أسموه فشل الإخوان المسلمين في تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، ونحسب هذه الشريحة من حسني النية، على الرغم من غفلتها وسذاجتها، ولكننا لا نبرّئ الذين ضاقوا ذرعا بانحياز الشعب المصري للمرشح الاسلامي والبرنامج الإسلامي، وكانوا يمنّون النفس أن يوصلهم الشعب المصري، بمشاركة واسعة من الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، ليرثوا نظام الرئيس المخلوع. والى جانب هؤلاء وأولئك شريحة لها من الدهاء والأموال والارتباطات الخارجية ما مكّنها من اقتناص فرصة غفلة الغافلين، وطمع الطامعين فراحت تدير الأمور وتوجهها لصالح النظام السابق فكانت الكارثة، التي لم تحلّ بالإخوان المسلمين فقط -على الرغم من فداحة الثمن الذي دفعوه من حياتهم، وحرياتهم، وحياة أبنائهم، وممتلكاتهم،فهم معتادون على دفع الثمن منذ عهد فاروق وانتهاء بالانقلابين الجدد – وإنما حلّت بمجموع الشعب المصري، وبالأمة العربية جمعاء، فالشعب المصري قدّم آلاف الشهداء، وعشرات الآلاف من المعتقلين والجرحى، وخسر أمنه واستقراره وحريته وكرامته، بينما خسرت الأمة العربية ثورة واعدة ورائدة للتغيير والإصلاح، فانتكست ثورات الربيع العربي، واستأسدت الأنظمة الفاسدة على شعوبها، وفتح الباب أمام المال الأسود المتحالف مع الأنظمة الاستبدادية، كما فتح أمام تدخلات دولية، تعمل على تمزيق الوطن العربي الممزّق أصلا، لتنعم (اسرائيل) بالأمن والسلام، وتمارس أبشع جرائمها بحق الشعب الفلسطيني ومقدّراته ومقدّسات الأمّة.
واليوم وبعد الحكم ببراءة حسني مبارك وولديه ورموز نظامه، وتجريم الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي ورفاقه في الحكم – وبالمناسبة جلّهم من غير الاخوان المسلمين – وخيرة رجالات مصر، وفي مقدمتهم فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين، وأعضاء المجلس التشريعي، والقيادات السياسية والنقابية، والعلماء والأكاديميون وطلبة الجامعات، وحرائر مصر، نقول لحسني النية والطامعين في الحكم بغير إرادة الشعب: هل أدركتم بثورتكم المضادّة أنّكم كنتم تعملون لصالح حسني مبارك والزمرة الفاسدة، وأنّكم بذلك تتحملون مسؤولية الدماء التي سالت، والكرامة التي أهدرت، والمصائب التي حلت بالوطن والأمّة أم على قلوب أقفالها ؟ وهل يفيق أمثال هؤلاء من الغافلين والطامعين من سباتهم فيدركوا أن معاداة الإخوان المسلمين وشيطنتهم ستجرّ عليهم الخزي والنّدامة وعلى الأمّة الكوارث؟