في ذهن بعض النواب خوض معركة جديدة مع الحكومة، عنوانها التصريحات الحقيرة التي اطلقها السفير الاسرائيلي في عمان، والتي تمس السيادة الاردنية مباشرة.
لا خلاف على ان تصريحات نيفو تكشف عن حقيقة الغطرسة الاسرائيلية، ولا خلاف على الامنية الرسمية والشعبية بكنس السفارة والسفير من ارضنا، وفي هذه الحالة لا يختلف الموقف الوجداني بين عبدالله النسور وخليل عطية او بسام المناصير، على سبيل المثال، في هذه القضية، لكن بكل الاحوال لا احد يرضى ان يتحول الخلاف والرفض لتصريحات السفير الى ازمة بين الحكومة ومجلس النواب.
لقد جرب النواب سابقا خوض معركة مشابهة، يومها هددوا وازبدوا، وفي نهاية المطاف نخّوا، فانتصرت الحكومة، وللاسف استفادت اسرائيل من التصويت النيابي، فلا تدَعونا نخلط الاوراق مرة اخرى، ونخطئ في التقدير.
مع الرفض الشديد للتصريحات المستفزة والتافهة للسفير الاسرائيلي، الا انه استفاد من التقويم العام لاداء مجلس النواب من قبل الشارع الاردني الذي ينظر بسلبية الى اداء مجلس النواب، وفي استطلاعات الرأي كلها فإن المرحبين بحل المجلس اضعاف اضعاف المؤيدين لبقائه.
هذه القضية تحديدا هي التي تحتاج من مجلس النواب الوقوف عندها، وهي التي من الممكن ان تكون عنوان خلاف حكومي نيابي، لكن ليس على تصريح او تأخر في اعلان موقف، او جملة تخربط البلد، او انحياز لمرشح رئاسي دون الآخر.
الخلاف يجب ان يكون على البرامج الاقتصادية والتي لها تماس مباشر مع مصالح المواطنين الحياتية والمعيشية، وعلى القوانين التي تنعكس مباشرة على حياة ومصالح الناس.
من هنا يستطيع النواب تحسين صورتهم الشعبية، ومن هنا تُغلق افواه الذين يهاجمون الحياة البرلمانية، عندما يشعرون ان غطاء شعبيا ملتفا حول اداء النواب، اما اذا بقيت الحياة البرلمانية معلقة على خلافات شكلية، وعلى اداء استعراضي، وعلى عناوين لا تلامس حياة المواطنين، فإن الدفاع عن الحياة البرلمانية وضرورتها تصبح بلا فائدة.
امام مجلس النواب حاليا اهم مشروع له علاقة بحياة المواطنين، مشروع الموازنة، هذه هي ساحة المعركة الحقيقية بين الحكومة والنواب، والتي فيها يظهر النائب الذي يقف مع مصالح الناس من النائب الذي يقف مع مصالحه الشخصية.
ايضا امام النواب مشروع قانون الاحزاب السياسية وهو رافعة مهمة في حياة البلاد الاصلاحية، وفي الطريق اليهم مشروع قانون الانتخاب، وهنا تحديدا مربط فرس حقيقة مواقف النواب، هل هم مع الاصلاح السياسي الشامل، ام هم مع الاصلاح الذي يحقق ويحمي مصالحهم، وطرق عودتهم الى العبدلي.
سنتان واكثر من عمر مجلس النواب، انجزت فيها قوانين كثيرة، لكن حزمة القوانين المعروضة والتي سوف تعرض عليهم قريبا، هي المؤشر على اكمال المجلس مدته الدستورية، ام ان منخفضا سوف يقع على العبدلي، ليعيد رسم الحياة السياسية من جديد، في ظروف محلية واقليمية مشدودة لا يسمح فيها بترف الوقت، واضاعة الاهداف.