مطر بطعم البرد ورحيل حل قبل أوانه والدنيا لم تعد بألوانها، وهنا فقط يزين الاسود أفراحنا لكثرة ما نحزن رغما عنا. والنار نشعلها لنبرد اكثر، وقد تجمدت الروح ولم تعد فيروز تسعفنا كلما غنت والناي الحزين يثير الضحك شجيا، والدموع لا تغسل ألما وتنسكب انينا ولم تعد تسقي وردا ولا هي لؤلؤ من نرجس، وقد جف العناب والبّرد نخرته أوجاع القلب كلما فاض من عذاباته بصمت يصدح لروحه فقط.
وقد مضت الدنيا من غير طريقها في سفر الى الدنيا، وكل الايام نفسها ولم يعد مهما منّ يحل قبل الاخر، وتوالي الفصول لا يحدث فرقا، والملامح لا تفرق بالوجوه والحزن سيد التشابه وانكسارها يستمر كلما تمعنت بما حولها. والشمس باردة ان غابت او اشرقت، والروح اختفت ومثلها الحرارة من الجسد، والاحساس هائم ولا يجد ملاذا، والمشاعر تبلدت ولم يعد مهما لون الدم والاستباحة امست شرفا للمستباح.
يموت الموت نفسه هنا ويتكرر الغياب ويستمر الفقد بلا هوادة، وحفل الوداع رقص على موسيقى النحيب وتعزف بقوة سيمفونية الانين كطقس للتخدير وكلما زاد الوجع. وايام تحمل كل التعب والقهر دون افصاح عن الوجهة النهائية وكيف يمكن ان تستقر على غير ما هي عليه منذ قرون، والجمع بلا دراية ان باتوا بقرون ايضا دونما استشعار وقائد لمناطحة وحسب.
بعد كل العمر نبحث عن مدونة سلوك للشيوخ؛ ترى اي مسلك كانوا فيه طوال الوقت؛ ونبحث بسعر النفط الذي نستورده ونعرف سعره مطلع كل شهر، ونبحث بسعر الكهرباء ولا احد يقول لم الضريبة على البنزين ثلاثة اضعاف سعره. وبعد كل العمر نسأل لم الدولة فقيرة وبلا موارد حد الفقر المدقع في توفر المياه ومع ذلك نشرب دون اكتراث من اي مصدر، ولا احد يريد الاعتراف اننا حوصرنا بحدود الدولة لنمتهن التسول ونحن نقترفة من كل الدول وليس من اليابان فقط، ترى كيف انتصرنا نحن بالحرب العالمية الثانية وخسرت اليابان والمانيا، الاكيد انه يكفينا التزمير دائما من المرسيدس والتويوتا لنثبت ذلك.