4 مليارات دينار كفاتورة رواتب لموظفي الدولة رقم مخيف بالنسبة لموازنة حجمها 8.1 مليار دينار، لكن عند معرفة أن 135 ألف وظيفة تتركز في وزارتي الصحة والتربية والتعليم من أصل 190 ألف وظيفة عامة في الدولة يثير التساؤلات، ويناقض التصريحات الحكومية التي تتذمر من رواتب الموظفين وتأثيرها على الموازنة.
رواتب الموظفين في الصحة والتعليم تعتبر متواضعة مقارنة مع الرواتب في أماكن أخرى وإذا كان غالبية الموظفين في القطاعين السابقين الأقل تقديما للخدمة «النوعية» بسبب هبوط الإنفاق يعني وجود اختلال في مستويات رواتب البعض ويحتاج الى مراجعة سريعة فلا يعقل أن تنفق الدولة نصف موازنتها دون معرفة التفاصيل.
مشروع إعادة هيكلة الرواتب الذي طرح قبل سنوات جوبه باعتراضات شديدة كان أثرها كبيرا بسبب علو الصوت وليس بسبب أنها تمثل شريحة كبرى من الموظفين، وهنا يمكن الاستفسار إن كان هنالك رواتب خيالية تصرف لفئة معينة أم لا ويمكن أن يكون السبب الرئيس في زيادة بند النفقات الجارية في الموازنة.
وبحسبة بسيطة فإن تقسيم 4 مليارات دينار على 190 ألف موظف تكون النتيجة نحو 21 ألف دينار كراتب سنوي وعند تقسيمها على 12 شهرا يكون الناتج 1750 دينارا وهو راتب خيالي والكل يعلم أن معدلات الرواتب في الدولة بين 400 و500 دينار بمعنى أن هنالك من يتقاضى 5 آلاف وأعلى بكثير شهريا.
تلك الأرقام تحتاج الى وقفة عاجلة ومؤشر خطير على مسار العمل في الدولة مع وجود نحو 180 ألف متعطل عن العمل، في الوقت الذي تنفق فيه الدولة على فئة محدودة مليارات الدنانير، وهنا يبرز الخلل في تفصيلات تلك الرواتب وليس التعامل معها بالإجمالي.
وبشكل عام وحتى لو كانت الرواتب تلك مستحقة فيمكن العودة لمستوى الخدمات المقدمة من الحكومة باستثناء مؤسسات محدودة مثل دائرة السير والجوازات، غير ذلك فهناك ترهل إداري وأداء ضعيف يتحدث عنه الجميع، سواء في المؤسسات والوزارات الحكومية أو في المستشفيات، إضافة إلى التعليم الذي تكشف أخيرا أنه دون المستوى المطلوب في جميع مراحله.
من حقنا كعاملين ومتعطلين أن نسأل عن مصير 4.5 مليار دينار إيرادات ضريبية ندفعها لموازنة الدولة ويذهب أكثر من نصفها كرواتب لفئة محدودة في البلاد، ومن حقنا أن نتساءل لماذا الدولة تلجأ إلى الاقتراض في الوقت الذي بلغت فيه خدمة الدين مليار دينار وهي تعرف أن رواتب البعض تستنزف كل تلك الأموال.