في كثير من الأحيان تسعف الملحوظات الفردية صانع القرار في تبني سياسات من شأنها النهوض في الواقع الاقتصادي والتعامل مع المشكلات الهيكلية مثل البطالة.
بداية هذا الأسبوع، قدم كاتب هذا المقال تحليلا اقتصاديا مستندا الى الاحصاءات الرسمية الحديثة عن واقع الوظائف المستحدثة في الاقتصاد الاردني خلال عام 2013.
أما أهم تلك الاحصاءات فتمثل بنمو حصة الوافدين من الوظائف المستحدثة 100 % خلال العام ذاته، ما يؤشر على توغل العمالة الأجانب من جهة، وطبيعة الوظائف الحرفية غير المحتاجة الى التعليم العالي من جهة أخرى.
اصلاح الاقتصاد بالطريقة التي يضحي معها منتجا للوظائف الجامعية يحتاج وقتا طويلا لا تحتمله طوابير البطالة المتزايدة، ما يعني أن احلال العملة المحليين مكان الوافدين استراتيجية حتمية للخروج من عنق الزجاجة.
معاينة الوظائف التي يهيمن عليها العملة الأجانب يقود الى احدى المهن أكثرها بروزا وأعظمها منفعة للموظف، مهنة حارس العمارة.
فالعاصمة والمحافظات الرئيسية الممتلئة بالعمارات السكنية والتجارية توظف آلافا من الحراس الوافدين، ممن يحظون بمزايا السكن المجاني، الطعام المجاني، وفرصة التوسع في العمل الى تنظيف السيارات وأعمال الصيانة المنزلية بمختلف أشكالها.
ولمن لا يلمس مزايا هذه الوظيفة، أن يسأل من يعرف من الحراس الوافدين ليعلم أن الوظيفة لا تنتقل من شخص الى آخر الا بـ "خلو" قيمته آلاف الدنانير.
ولمن يسأل عن طريقة ترويج هذه الوظيفة على المستوى المحلي، فله أيضا أن ينظر الى طوابير المعونة الاجتماعية أمام صندوق المعونة الوطنية، تتلقى المعونة بسبب الفقر المدقع وسوء الظروف المعيشية.
لماذا لا يفكر صناع القرار بربط مبلغ المعونة الوطنية بالوظائف البسيطة مثل حراسة العمارة أو العمل الخدمي في المقاهي والمطاعم؟
يجب الاعتراف بأن المهمة ليست سهلة، وأن المقاومة الاجتماعية موجودة سواء لدى الباحثين عن الوظيفة، أو الراغبين بالتوظيف، بيد أن الاحلال ليس مستحيلا، انما هو ضرورة اذا ما أراد الاردنيون عبور النافذة السكانية بأقل الخسائر الممكنة.
الحكومة مطالبة بالتدخل لصنع التغيير، خصوصا وأن الاحصاءات تثبت أن الأمور ليست على حالها، بل تزيد سوءا عاما بعد عام.