اذا كانت قصة وجود النفط في الاردن حكاية ورواية يمكن ان تستمع الى شهادات مختلفة حولها، فإن قصة تسعير المشتقات النفطية، والمبالغ المتناقضة حول التكاليف التي تتحملها الدولة من ورائها قصة اخرى.
بين فترة واخرى يرتفع منسوب الحديث عن وجود النفط في الاردن، خاصة ان اكثر رواية متماسكة كانت تتحدث عن وجود كميات كبيرة من النفط، الا ان اكتشافاته مرتبطة بالتسوية السياسية وايجاد حل ما للقضية الفلسطينية، لان تركيز وجود النفط في الاردن يأتي في منطقة مجاورة لفلسطين واسرائيل، وفي البحر الميت تحديدا، فالقصة سياسية وليست اقتصادية.
وروايات اخرى لمختصين تتمتع بمصداقية، تؤكد ان لدينا كميات كبيرة من النفط، لكنها غير تجارية، ولنا في تقرير الشركة الكورية قبل سنوات التي نقبت عن النفط في الاردن شهادة حية على ما يجري في هذا الملف من غموض يفتح مئات الاسئلة.
أما موضوع تسعير المشتقات النفطية، والتي اصبحت الان قضية ينتظرها الاردنيون نهاية كل شهر بسبب الانخفاض الكبير في اسعار النفط عالميا، واقتراب الرقم الى ما دون الثمانين دولارا، فلهذه حكايات لم تشف غليل اي نائب وجّه سؤالا الى الحكومة، وحصل على اجابة واضحة.
سمعت من مصادر مختصة ومطلعة على فواتير الطاقة، ان الارقام التي تتحدث عنها الحكومة وانها خسرت نحو خمسة مليارات دولار لمعالجة تكاليف الكهرباء بعد ازمة الغاز المصري، ليست ارقاما صحيحة على الاطلاق، والرقم الصحيح لم يتجاوز مليارا ونصف المليار دولار، اي نحو 800 مليون دينار.!
المعلومة الاخطر وهي برسم السادة النواب للتدقيق فيها؛ ان الحكومات المتعاقبة تربح ماليا من الفاتورة النفطية مبالغ تدعم الخزينة، وليس كما يقال ان الحكومات تدعم اسعار النفط، لهذا فهي تحاول من خلال رفع اسعار الوقود المتكرر الخلاص من هذا الدعم. وأرقام مصفاة البترول ومرابحها تؤكدان ذلك.
لم تعد الاوضاع المعيشية للمواطنين ميسرة حتى تبقى سلسلة رفع الاسعار هي الحل الاسهل امام الحكومة، وما تبشرنا به الحكومة في بداية العام المقبل، من رفع اسعار الكهرباء حسب المخطط السابق والمتفق عليه مع النواب، ورفع اسعار اخرى اساسية مثل المياه، تجعل المواطن يتحسس راسه من كيفية تدبير التزاماته التي ترتفع دائما، ولا يصل هذا الارتفاع الى راتبه ودخله.
عندما يقول رئيس الحكومة ان عام 2015 مهم جدا للاردن، وأن هناك اصلاحات سياسية واقتصادية على الطريق، فإن المواطن لا يفهم من ذلك سوى سلسلة من رفع الاسعار تنتظره.
متى نصل الى البحث عن حلول اخرى واقعية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، ونتخلص من الاعتماد على جيوب المواطنين.؟